إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين

          3629- وبه قال: (حَدَّثَنِي) بالإفراد، ولأبي ذرٍّ: ”حدَّثنا“ (عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ) المسنَديُّ قال: (حَدَّثَنَا(1) يَحْيَى بْنُ آدَمَ) الكوفيُّ صاحبُ الثوريِّ قال: (حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ الجُعْفِيُّ) بضمِّ الجيم وسكون العين المهملة وكسر الفاءِ (عَنْ أَبِي مُوسَى) إسرائيلَ بنِ موسى البصريِّ(2) (عَنِ الحَسَنِ) البصريِّ (عَنْ أَبِي بَكْرَةَ) بفتح الموحَّدة وسكون الكاف، نُفيع بن الحارث الثقفيِّ ( ☺ ) أنَّه (قَالَ: أَخْرَجَ النَّبِيُّ صلعم ذَاتَ يَوْمٍ الحَسَنَ) بنَ عليٍّ ☻ (فَصَعِدَ بِهِ(3) المِنْبَرَ) بكسر عين «فصعِد»(4) (فَقَالَ) والحسنُ إلى جنبه وهو يُقبل على الناس مرةً وعليه أخرى: (ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ) كفاه شرفًا وفضلًا تسميةُ سيِّدِ البشرِ صلعم له سيِّدًا، وفيه: أنَّ ابنَ البنتِ يُطلَقُ عليه «ابن»، ولا اعتبار بقول الشاعر:
بَنُونا بنو أبنائِنا وبناتُنا                     بنوهُنَّ أبناءُ الرجالِ الأباعدِ
          نعم، هذا باعتبار الحقيقة، والأول باعتبار المجاز (وَلَعَلَّ اللهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ مِنَ المُسْلِمِينَ) أي: طائفتين، طائفة معاوية‼ بن أبي سفيان، وطائفة الحسن، وكانت أربعين ألفًا بايعوه على الموت، وكان الحسنُ أحقَّ الناس بهذا الأمر، فدعاه ورَعُهُ إلى تَرْكِ المُلْكِ رغبةً فيما عند الله، ولم يكن ذلك لِعِلَّةٍ ولا لقِلَّة، وقوله: «من المسلمين» دليلٌ على أنَّه لم يَخرُج أحدٌ(5) من الطائفتينِ في تلك الفتنةِ مِنْ قولٍ أو فعلٍ عنِ الإسلام؛ إذ إحدى الطائفتين مصيبةٌ، والأُخرى مخطئةٌ مأجورةٌ، وقد اختار السلف ترك الكلام / في الفتنة الأولى، وقالوا: تلك دماءٌ طهَّرَ اللهُ منها أيدينا، فلا نُلوِّثُ بها ألسنتَنا.
          ومرَّ هذا الحديث في «الصلح» [خ¦2704].


[1] في (م): «حدثني».
[2] «عن أبي موسى إسرائيل بن موسى البصري»: سقط من (ص).
[3] في (ص): «سراقة».
[4] زيد في (د): «على».
[5] في (د): «إحدى».