إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: أما بعد فإن الناس يكثرون ويقل الأنصار

          3628- وبه قال: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ) الفضلُ بنُ دُكَين قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سُلَيْمَانَ ابْنِ حَنْظَلَةَ ابْنُ الغَسِيلِ) المعروفُ بغسيلِ الملائكة قال: (حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ) مولى ابن عبَّاسٍ (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ☻ ) أنَّه (قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلعم ) من الحجرة إلى المسجد (فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ بِمِلْحَفَةٍ) بكسر الميم وفتح الحاء المهملة، مرتديًا بها على منكبيه (قَدْ عَصَّبَ) بتشديد الصاد المهملة في الفرع وأصله، أي: رأسه (بِعِصَابَةٍ دَسْمَاءَ) سوداء (حَتَّى جَلَسَ عَلَى المِنْبَرِ فَحَمِدَ اللهَ تَعَالَى وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ النَّاسَ يَكْثُرُونَ، وَيَقِلُّ الأَنْصَارُ) هو من الإخبار(1) بالمغيَّبات، فإنَّ الناس كثُروا، وقلَّ الأنصار كما قال ╕ (حَتَّى يَكُونُوا فِي النَّاسِ بِمَنْزِلَةِ المِلْحِ فِي الطَّعَامِ) قال الكِرمانيُّ: وجه التشبيه الإصلاحُ بالقليل دون الإفساد بالكثير، أو كونه قليلًا بالنسبة إلى سائر أجزاء الطعام (فَمَنْ وَلِيَ مِنْكُمْ شَيْئًا يَضُرُّ فِيهِ) أي: في الذي وليه (قَوْمًا، وَيَنْفَعُ فِيهِ آخَرِينَ فَلْيَقْبَلْ مِنْ مُحْسِنِهِمْ) الحسنة (وَيَتَجَاوَزْ) بالجزم عطفًا على «فليقبلْ» أي: فليعفُ (عَنْ مُسِيئِهِمْ) السيئةَ، أي: في غير الحدود، قال ابن عبَّاس ☻ : (فَكَانَ ذلك آخِرَ مَجْلِسٍ جَلَسَ بِهِ) أي: بالمنبر، ولأبي ذرٍّ: ”فيه“ (النَّبِيُّ صلعم ).
          وقد مرَّ الحديث في «باب من قال في الخطبة بعد الثناء: أما بعد» من «كتاب الجمعة» [خ¦927].


[1] في (ص) و(م): «هو إخبار».