إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: يأتي في آخر الزمان قوم حدثاء الأسنان سفهاء الأحلام

          3611- وبه قال: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ) بالمثلَّثة العبديُّ قال: (أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ) الثوريُّ (عَنِ الأَعْمَشِ) سليمانَ بنِ مِهرانَ (عَنْ خَيْثَمَةَ) بفتح الخاء المعجمة وسكون التحتيَّة وبالمثلَّثة المفتوحة، ابنِ عبدِ الرحمن الجُعفيِّ الكوفيِّ (عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ) بضمِّ السين وفتح الواو وسكون التحتيَّة، و«غَفَلَةَ»: بفتح الغين المعجمة والفاء واللَّام، أنَّه (قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ ☺ : إِذَا حَدَّثْتُكُمْ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلعم فَلَأَنْ أَخِرَّ) بفتح الهمزة وكسر الخاء المعجمة، أسقُطَ (مِنَ السَّمَاءِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَكْذِبَ عَلَيْهِ، وَإِذَا حَدَّثْتُكُمْ فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ، فَإِنَّ الحَرْبَ خَدْعَةٌ) بفتح الخاء المعجمة وسكون الدال المهملة، ويجوزُ ضمٌّ فسكون، وضمٌّ ففتح كهُمَزة، وفتحهما جمع خادع، وكسرٌ فسكون(1)، فهي خمسة، وتكون(2) بالتورية(3) وبخلف الوعد، وذلك من المستثنى الجائز المخصوص مِنَ المحرَّم المأذون فيه رفقًا بالعباد، وليس للعقل في تحريمه ولا تحليله أثرٌ، إنَّما هو إلى الشارع (سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ) ولأبوي ذر والوقت: ”النبيَّ“ ( صلعم يَقُولُ: يَأْتِي فِي آخِرِ الزَّمَانِ قَوْمٌ حُدَثَاءُ الأَسْنَانِ) بضمِّ الحاء وفتح / الدال المهملتين وبالمثلَّثة ممدودًا، و«الأسنان»‼ بفتح الهمزة، أي: صغارُها (سُفَهَاءُ الأَحْلَامِ) أي: ضعفاءُ العقول (يَقُولُونَ مِنْ خَيْرِ قَوْلِ البَرِيَّةِ) وهو القرآن، كما في حديث أبي سعيد الخدري(4) السابق [خ¦3610]: «يقرؤون القرآن»، وكان أوَّلُ كلمةٍ خرجوا بها قولَهم: لا حكم إلَّا لله، وانتزعوها من القرآن، لكنَّهم حملوها على غيرِ محملها (يَمْرُقُونَ مِنَ الإِسْلَامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ) إذا رماه رامٍ قويُّ الساعد فأصابه فنفذ منه بسرعة بحيث لا يعلَقُ بالسهم ولا بشيءٍ منه مِنَ المرمي شيءٌ، كما قال في السابق: «سبقَ الفرثَ والدمَ» [خ¦3610] أي: جاوزَهُما ولم يتعلَّق فيه منهما شيءٌ، بل خرجا بعدَه، وفي رواية أبي المتوكِّل الناجيِّ عن أبي سعيد عند الطبري(5): «مثلهم كمثل رجل رمى رمية فتوخَّى السهمَ حيث وقع، فأخذَه، فنظر إلى فُوقه، فلم يَرَ به دَسَمًا ولا دَمًا لم(6) يتعلَّق به شيءٌ من الدسم والدم، كذلك هؤلاء لم يتعلَّقوا بشيءٍ من الإسلام» (لَا يُجَاوِزُ إِيمَانُهُمْ حَنَاجِرَهُمْ) بالحاء المهملة ثم النون وبعد الألف جيم، جمع حَنْجَرة بوزن قَسْوَرة، وهي رأس الغَلْصَمة _بالغين المعجمة المفتوحة واللَّام الساكنة والصاد المهملة_ منتهى الحُلقوم حيث تراه ناتئًا(7) من خارج الحلق، والحُلقومُ: مَجرى الطعام والشراب، وقيل: الحُلقومُ مَجرى النَّفَس، والمَرِيء مَجرى الطعام والشراب، وهو تحت الحُلقوم، والمراد: أنَّهم مؤمنون(8) بالنطق لا بالقلب (فَأَيْنَمَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ، فَإِنَّ قَتْلَهُمْ أَجْرٌ) ولأبي ذرٍّ عن الحَمُّويي والمُستملي: ”فإنَّ في قتلِهم أجرًا“ (لِمَنْ قَتَلَهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ) لسعيهم في الأرض بالفساد، واحتجَّ السُّبكيُّ لتكفيرهم: بأنَّهم كفَّروا أعلامَ الصحابةِ، لتضمُّنه تكذيبَ النبيِّ صلعم في شهادته لهم بالجنَّة، واحتجَّ القرطبيُّ في «المفهم» بقوله: إنهم يخرجون من الإسلام، ولم يتعلَّقوا منه بشيءٍ، كما خرج السهم من الرَّمِيَّة.
          وبقية مباحث ذلك تأتي في محالِّها إن شاء الله تعالى.


[1] في غير (ب) و(س): «وسكون».
[2] في (د): «ويكون».
[3] في (ص): «من التورية».
[4] «الخدري»: مثبت من (د) و(م).
[5] في (س) و(ص): «الطبراني».
[6] في (د): «ولم».
[7] في غير (د) و(م): «بارزًا».
[8] في (د): «يؤمنون».