إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: رأيت رسول الله وحانت صلاة العصر

          3573- وبه قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ) القَعنبيُّ (عَنْ مَالِكٍ) الإمام (عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ) زيدِ بنِ سهلٍ الأنصاريِّ (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ) ☺ (أَنَّهُ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلعم و) الحالُ أنَّه قد (حَانَتْ) أي: قرُبت (صَلَاةُ العَصْرِ، فَالتُمِسَ الوَضُوءُ) بضمِّ التاء وكسر الميم مبنيًّا للمفعول، و«الوَضوء» بفتح الواو، أي: طلب الماء للوضوء، ولأبي ذرٍّ كما في «اليونينية»: ”فالتمَسَ الناسُ الوَضوءَ“، ولم يعزها في «فرع التنكزيِّ» و«فرع أقبغا» لأبي ذرٍّ، وهي في حاشية «اليونينية» بالحُمرة مرقومٌ عليها بالأسود علامُته(1) مصحَّحُ عليها (فَلَمْ يَجِدُوهُ، فَأُتِيَ رَسُولُ اللهِ صلعم ) بضمِّ همزة «أُتِي» ورسولُ الله صلعم نائب فاعلٍ (بِوَضُوءٍ) بفتح الواو، بماءٍ في إناءٍ (فَوَضَعَ رَسُولُ اللهِ صلعم يَدَهُ فِي ذَلِكَ الإِنَاءِ، فَأَمَرَ النَّاسَ) بالفاء في «فأمر» (أَنْ يَتَوَضَّؤُوا مِنْهُ، فَرَأَيْتُ) أي: أبصرتُ (المَاءَ يَنْبُعُ) بتثليث الموحَّدة، أي: يخرُجُ (مِنْ تَحْتِ) وفي نسخة «اليونينية» وفرعها مصحَّحٌ(2) عليها: ”من بين“ (أَصَابِعِهِ، فَتَوَضَّأَ النَّاسُ حَتَّى تَوَضَّؤُوا مِنْ عِنْدِ آخِرِهِمْ) قال الكِرمانيُّ: كلمة «مِن» هنا بمعنى «إلى» وهي لغة، والكوفيُّون يُجوِّزون مطلقًا وضعَ حروف الجرِّ بعضها مَقام بعضٍ. انتهى. وقال غيره: والمعنى: توضَّأ الناسُ ابتداءً مِن أوَّلهم حتى انتهَوا إلى(3) آخرهم، ولم يَبْقَ منهم أحدٌ، والشخصُ الذي هو آخرُهم داخلٌ في هذا الحكم، لأنَّ السياق يقتضي العموم، وكذا «أنسٌ» إن قلنا / : يدخل المخاطِب بكسر الطاء في عموم خِطابه، وإنَّما أُتي بفضلةٍ من الماء؛ لئلَّا يُظَنَّ أنَّه صلعم مُوجِدٌ للماء، والإيجادُ إنَّما هو لله تعالى لا لغيره.
          وهذا الحديث قد(4) سبق في «باب التماس الناس الوضوء» من «كتاب الطهارة» [خ¦169].


[1] في (ب): «علامة».
[2] في (د): «مصحَّحًا».
[3] في غير (د) و(س): «على».
[4] «قد»: ليس في (د).