إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: يأتي على الناس زمان يغزون، فيقال: فيكم

          3594- وبه قال: (حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ) البَلْخيُّ قال: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ) بنُ عُيينةَ (عَنْ عَمْرٍو) بفتح العين، ابنِ دِينارٍ (عَنْ جَابِرٍ) هو ابنُ عبد الله الأنصاريِّ ☻ (عَنْ أَبِي سَعِيدٍ) بكسر العين، سعدِ بنِ مالكِ بنِ سِنانٍ الخُدريِّ ( ☺ ، عَنِ النَّبِيِّ صلعم ) أنَّه (قَالَ: يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَغْزُونَ) أي(1): فِئامٌ(2)، أي: جماعةٌ (فَيُقَالُ: فِيكُمْ) بحذف همزة الاستفهام، ولأبي ذرٍّ عن الكُشْمِيهَنيِّ: ”لهم: فيكم“ (مَنْ صَحِبَ الرَّسُولَ صلعم ؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، فَيُفْتَحُ عَلَيْهِمْ(3). ثُمَّ يَغْزُونَ فَيُقَالُ لَهُمْ) سقط لفظ «لهم» لأبي ذر: (هَلْ فِيكُمْ مَنْ صَحِبَ مَنْ صَحِبَ الرَّسُولَ صلعم ؟) أي: تابعيٌّ (فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، فَيُفْتَحُ لَهُمْ) أي: عليهم، وحذفت لدلالة الأُولى.
          قال في «الفتح»: وفيه ردٌّ على مَن زعم وجودَ الصُّحبة في الأعصار المتأخِّرة، لأنَّه يتضمَّن(4) استمرارَ الجهاد والبعوث إلى بلاد الكفَّار، وأنَّهم(5) يسألون هل فيكم أحد من الصحابة؟ فيقولون: لا، وكذلك في التابعين وأتباعهم، وقد وقع ذلك فيما مضى، وانقطعت البعوث عن بلاد الكفَّار في هذه الأعصار، وقد ضبط أهلُ الحديث آخرَ مَن مات من الصحابة، وهو على الإطلاقِ أبو الطفيل عامرُ بن وَاثِلةَ الليثيُّ كما جزم به مسلمٌ في «صحيحه» وكان موتُه سنةَ مئةٍ أوسبعٍ ومئة، أو ستَّ عشرةَ ومئة، وهو مطابقٌ لقوله ╕ قبل وفاته بشهرٍ: «على رأس مئةٍ لا يبقى على وجه الأرض ممَّن هو عليها اليوم أحدٌ».
          وهذا الحديث قد سبق في «الجهاد» في «باب من استعان بالضعفاء والصالحين في الحرب» [خ¦2897].


[1] «أي»: ليس في (ص) و(م)، وفي (د): «فيه».
[2] في (م): «قياما».
[3] في (م): «لهم».
[4] في (ص) و(م): «تضمن».
[5] في (ص) و(م): «فإنهم».