نجاح القاري لصحيح البخاري

حديث: بينما أنا أسير في الجنة إذا أنا بنهر حافتاه قباب الدر

          6581- (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ) هشام بنُ عبد الملك، قال: (حَدَّثَنَا هَمَّامٌ) بفتح الهاء وتشديد الميم، هو: ابنُ يحيى الأزدي (عَنْ قَتَادَةَ) أي: ابن دِعامة (عَنْ أَنَسٍ) ☺ (عَنِ النَّبِيِّ صلعم ح) تحويلٌ من سندٍ إلى آخر، قال البخاري: (وَحَدَّثَنَا) وفي رواية أبي ذرٍّ سقط: الواو (هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ) بضم الهاء وسكون المهملة وفتح الموحدة، القيسي البصري الحافظ، قال: (حَدَّثَنَا هَمَّامٌ) قال: (حَدَّثَنَا قَتَادَةُ) قال: (حَدَّثَنَا) وفي رواية أبي ذرٍّ: <حدَّثني> بالإفراد.
          (أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ) ☺ (عَنِ النَّبِيِّ صلعم ) أنَّه (قَالَ: بَيْنَمَا) بالميم (أَنَا أَسِيرُ فِي الْجَنَّةِ) تقدم في «تفسير سورة الكوثر» [خ¦4964]: أنَّ ذلك كان ليلة الإسراء بلفظ: ((قال: لمَّا عرج بالنَّبي صلعم إلى السَّماء)) (إِذَا أَنَا بِنَهَرٍ، حَافَتَاهُ) بالحاء المهملة وتخفيف الفاء؛ أي: جانباه (قِبَابُ الدُّرِّ الْمُجَوَّفِ) بكسر القاف وتخفيف / الموحدة الأولى، جمع: قبَّة من البناء، ويجمع على قبب أيضاً، و«الدُّر» جمع: درَّة (قُلْتُ: مَا هَذَا يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَذَا الْكَوْثَرُ الَّذِي أَعْطَاكَ رَبُّكَ، فَإِذَا طِينُهُ) بالنون بعد التحتية (أَوْ طِيبُهُ) بالموحدة (مِسْكٌ أَذْفَرُ) بالمعجمة الساكنة؛ أي: الذَّكي الرَّائحة. قال ابن فارس: الذَّفر: حدَّة الرَّائحة الطَّيِّبة والخبيثة.
          وقال الدَّاودي: إن كان هذا؛ أي: قوله: ((إذا أنا بنهر... إلى آخره)) محفوظاً دلَّ على أنَّ الحوض الَّذي يُدفَع عنه أقوام يوم القيامة الَّذي هو خارج الجنَّة غير النَّهر الَّذي في الجنَّة، أو يكون يراهم وهو داخل الجنَّة وهم من خارجها فيُناديهم فيُصرفون عنه.
          قال الحافظ العسقلاني: وهو تكلُّفٌ عجيبٌ، ويُغني عنه أنَّ الحوض الَّذي هو خارج الجنَّة يُمَدُّ من النَّهر الَّذي هو داخل الجنَّة ولا إشكال أصلاً. وتعقَّبه العيني: بأنَّ الذي قاله يحتاج إلى دليلٍ أنَّه يُمَد من النَّهر الَّذي في الجنَّة، ونقول: أحسن من ذلك أن يقال: إنَّ للنَّبي صلعم حوضين: أحدهما: في الجنَّة، والآخر: يكون يوم القيامة. انتهى فليتأمَّل.
          (شَكَّ هُدْبَةُ) أي: هل هو بموحدة من الطِّيب، أو بالنون من الطِّين، وأراد بذلك أنَّ أبا الوليد لم يشكَّ في روايته أنَّها بالنون، وهو المعتمدُ.
          وتقدَّم في «تفسير سورة الكوثر» من طريق شيبان عن قتادة: «فأهوى الملك بيدهِ فاستخرجَ من طينه مسكاً أذفر». [خ¦4964] وأخرج البيهقي في «البعث (1)» من طريق عبد الله بن مسلم عن أنسٍ ☺ بلفظ: ((ترابه مسكٌ)).


[1] في هامش الأصل في نسخة: في الشُّعب.