عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

باب بيع المزابنة
  
              

          ░82▒ (ص) بابُ بَيْعِ الْمُزَابَنَةِ؛ وَهْيَ بَيْعُ التَّمْرِ بِالثَّمَرِ، وَبَيْعُ الزَّبِيبِ بِالْكَرْمِ، وَبَيْعُ الْعَرَايَا.
          (ش) أي: هذا بابٌ في بيان حكم بيعِ المُزابَنة، وقد مرَّ الكلام فيها وفي (العَرايا) في (باب بيع الزبيب بالزبيب) مستوفًى.
          قوله: (وَهِيَ) أي: المزابنة (بَيْعُ التَّمْرِ) بالتاء المُثَنَّاة مِن فوق.
          قوله: (بِالثَّمَرِ) بالثاء المُثَلَّثة وفتح الميم، وأراد به الرُّطَب؛ يعني: بيع التَّمر اليابِس بالرُّطَب.
          قوله: (بِالْكَرْمِ) أي: بالعِنَب.
          (ص) قَالَ أَنَسٌ ☺ : نَهَى النَّبِيُّ صلعم عَنِ الْمُزَابَنَةِ وَالْمُحَاقَلَةِ.
          (ش) مطابقته للترجمة ظاهرةٌ، وسيأتي هذا التعليقُ موصولًا في (باب المخاضَرة).
          و(المُحَاقَلَة) (مُفاعَلَة) مِنَ الحَقْل؛ بالحاء المُهْمَلة والقاف، وهو الزَّرع وموضعُه، وهي بيعُ الحِنطة في سُنبُلِها بحنطةٍ صافية، وقيل: هي المزارعة بالثُّلث والرُّبع، أو نحوه مِمَّا يخرج منها، فيكون كالمخابَرة، وروى جابرٌ: أنَّ النَّبِيَّ صلعم نهى عنِ المخابَرة والمحاقَلة، و«المحاقلَة» أن يبيعَ الرجلُ الزرعَ بمئة فرقٍ مِنَ الحِنطة، و«المخابَرة» كِراء الأرضِ بالثُّلث والرُّبع، وقيل: هي بيعُ الزرع قبل إدراكِه، وقال اللَّيث: «الحَقْل» الزرع إذا تشعَّب قبل أن يغلُظ، وقال الهَرَويُّ: إذا كانت «المحاقَلَة» مأخوذةً من هذا؛ فهو بيعُ الزرع قبل إدراكه، قال: و«المَحقَلة» المَزرْعَةَ، وقيل: لا تُنبِتُ البَقْلة إلَّا الحَقْلة، وقال أبو عُبَيد: «المحاقَلَة» مأخوذة من الحقل، وهو الذي يُسمِّيه الناسُ القَراحَ بالعراق، وفي الحديث: «ما تصنعونَ بمَحاقِلكم؟» أي: بمَزارعِكم، وتقول للرجل: «احقل» أي: ازرع، / وإِنَّما وقع الحظرُ في المحاقَلَة والمزابَنة لأنَّهما مِنَ الكيل، وليس يجوز شيءٌ مِنَ الكيل والوزن إذا كانا مِن جنسٍ واحد إلَّا يدًا بيدٍ، ومِثلًا بمثل، وهذا مجهولٌ لا يُدرى أيُّهما أكثر؟