عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

باب: إذا بين البيعان ولم يكتما ونصحا
  
              

          ░19▒ (ص) بابٌ: إِذَا بَيَّنَ الْبَيِّعَانِ، وَلَمْ يَكْتُمَا، وَنَصَحَا.
          (ش) أي: هذا بابٌ يُذكَر فيه: (إِذَا بَيَّنَ البَيِّعَانِ) أي: إذا أظهر البيِّعان / ما في المبيع مِنَ العيب، و(البَيِّعَانِ) بفتح الباء المُوَحَّدة وتشديد الياء آخر الحروف، تثنية (بيِّع) وأراد بهما البائعَ والمشتري، وإطلاقه على المشتري بطريق التغليب، أو هو من باب إطلاق المشترك وإرادة معنَيَيْهِ معًا؛ إذ (البيِّع) جاء لمعنيين، وفيه خلاف.
          قوله: (وَلَمْ يَكْتُمَا) أي: ما في المبيع مِنَ العيب.
          قوله: (وَنَصَحَا) من باب عطفِ العامِّ على الخاصِّ، وجواب(إذا) محذوفٌ تقديره: إذا بيَّنا ما فيه ولم يكتما بورك لهما فيه، أو نحو ذلك، ولم يذكره البُخَاريُّ اكتفاءً بما في الحديث على عادته.
          (ص) وَيُذْكَرُ عَنِ الْعَدَّاءِ بْنِ خَالِدٍ [قَالَ: كَتَبَ لِيَ النَّبِيُّ صلعم : «هَذَا مَا اشْتَرَى مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ مِنَ الْعَدَّاءِ بْنِ خَالِدٍ]، بَيْعَ الْمُسْلِمِ الْمُسْلِمَ، لَا دَاءَ، وَلَا خِبْثَةَ، وَلَا غَائِلَةَ».
          (ش) مطابقة هذا المعلَّق للترجمة تُؤخذ مِن قوله: (لَا دَاءَ وَلَا خِبْثَةَ وَلَا غَائِلَةَ) لأنَّ نفي هذه الأشياء بيانٌ بأنَّ المبيع سالم عنها، وليس فيه كتمانُ شيءٍ من ذلك.
          و(الْعَدَّاءُ) بفتح العين المُهْمَلة وتشديد الدال المُهْمَلة وفي آخره همزةٌ، على وزن (فعَّال)، هو ابن هَوذةَ بن ربيعةَ بن عَمْرِو بن عامر بن صعصعة العامريُّ، أسلم بعد الفتح، صحابيٌّ قليل الحديث، وكان يسكن البادية.
          وهذا التعليق هكذا وقع، وقد وصله التِّرْمِذيُّ وقال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن بشَّار قال: حَدَّثَنَا عَبَّاد بن ليثٍ صاحب الكرابيس، قال: حَدَّثَنَا عبد المجيد بن وَهْبٍ قال: قال ليَ العدَّاء بن خالد بن هوذة: أَلَا أقرئك كتابًا كتبه لي رسول الله صلعم ؟ قال: قُلْت: بلى، فأخرج لي كتابًا: «هذا ما اشترى العدَّاء بن خالدِ بن هَوذة مِن مُحَمَّدٍ رسول الله صلعم ، اشترى منه عبدًا أو أمةً، لا داء، ولا غائلة، ولا خبثة، بيع المسلمِ المسلمَ»، هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلَّا من حديث عَبَّاد بن ليثٍ، وقد روى عنه هذا الحديثَ غيرُ واحد من أهل الحديث، وأخرجه النَّسائيُّ أيضًا عن مُحَمَّد بن مُثَنًّى عن عَبَّاد بن ليثٍ، وأخرجه ابن ماجه عن مُحَمَّد بن بشَّارٍ، وأخرجه غيرهم، وكلُّهم اتَّفقوا على أنَّ البائع هو النَّبِيُّ صلعم ، والمشتريَ العدَّاء، وهنا بالعكس، فقيل: إِنَّ الذي وقع هنا مقلوب، وقيل: هو صوابٌ، وهو مِنَ الرواية بالمعنى؛ لأنَّ (اشترى) و(باع) بمعنًى واحدٍ، ولزم من ذلك تقديم اسم رسول الله صلعم على اسم العدَّاء، وشرحه ابن العربيِّ على ما وقع في «التِّرْمِذيِّ» فقال: فيه البداءة باسم المفضول في الشروط إذا كان هو المشتري.