عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

باب السهولة والسماحة في الشراء والبيع ومن طلب حقا
  
              

          ░16▒ (ص) بابُ السُّهُولَةِ وَالسَّمَاحَةِ فِي الشِّرَاءِ وَالْبَيْعِ، وَمَنْ طَلَبَ حَقًّا فَلْيَطْلُبْهُ فِي عَفَافٍ.
          (ش) أي: هذا بابٌ في بيان استحباب السهولة، وهو ضدُّ (الصَّعب) وضدُّ (الحَزْن) قاله ابن الأثير وغيره، و(السماحة) مِن (سمح وأسمح) إذا جاد وأعطى عن كرمٍ وسخاءٍ، قاله ابن الأثير، وفي «المُغْرِب»: «السَّمْح» الجُود، وقال بعضهم: السهولة والسماحة متقاربان في المعنى، فعطف أحدهما على الآخر من التأكيد اللفظيِّ.
          قُلْت: قد عرفتَ أنَّهما متغايران في أصل الوَضْع، فلا يصحُّ أن يقال: من التأكيد اللفظيِّ؛ [لأنَّ التأكيدَ اللفظيَّ أن يكون المؤكِّد والمؤكَّد لفظًا واحدًا من مادَّة واحدة، كما عُرِفَ في موضعه.
          قوله]
: (وَمَنْ طَلَبَ) كلمة (مَن) شرطيَّة، وقوله: (فَلْيَطْلُبْهُ) جوابه.
          قوله: (فِي عَفَافٍ) جملةٌ في محلِّ النصب على الحال من الضمير الذي في (فَلْيَطْلُبْهُ) و(العَفاف) بفتح العين، الكَفُّ عمَّا لا يحلُّ، وروى التِّرْمِذيُّ وابن ماجة وابن حِبَّان من حديث نافع عن ابن عمرَ وعائشة مرفوعًا: «مَن طلب حقًا فليطلبه في عفاف، وافٍ أو غيرَ وافٍ»، وفي روايةٍ أخرى: «خُذْ حقَّك في عفاف، وافيًا أو غير وافٍ»، وأخذ البُخَاريُّ هذا وجعله جُزْءًا من ترجمة الباب.