الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب قصة عمان والبحرين

          ░73▒ (بَابُ قِصَّةِ عُمَانَ وَالْبَحْرَيْنِ): سقطَ لفظُ: <باب> وحدَهُ من أكثرِ النُّسخِ، وقد اشتملَتِ التَّرجمةُ على شيئينِ:
          أحدُهُما: البَحرين: وهي اسمُ بلدِ عبد القيسِ، بين البصرةِ وعُمانَ، والنِّسبةُ إليها بحرانيٌّ؛ لأنَّهُ مسمَّى بالتَّثنيةِ.
          ثانيهِما: قصَّة عُمَانَ: وهي بضمِّ العين المهملةِ وتخفيف الميم فألفٌ فنون أصليَّةٌ، فلذا انصرفَ، علمٌ لبلدٍ باليمنِ، قريبةٌ من البَحرَين.
          وقال في ((الفتح)) نقلاً عن الرشاطِيِّ: عُمان في اليمنِ، سمِّيَتْ بعُمانَ بنِ سبأ، ينسَبُ إليها / الجلنديُّ رئيس أهلِ عُمانَ، فيقالُ فيه: العُمانِيُّ، وفي بلاد الشَّامِ بلدةٌ يقالُ لها: عَمَّان _بفتحِ العين وتشديدِ الميم_، وليست بمرادَةٍ هنا قطعاً، وهي التي أرادها الشَّاعرُ بقوله:
في وجهِهِ خالان لولاهُما                     ما بتُّ مفتوناً بعَمَّانِ
          وقال في ((القاموس)): عَمَنَ بالمكانِ، كضَرَبَ وسَمِعَ: أقام، وكغُرَاب: رجُلٌ وبلدٌ باليَمنِ، ويصرفُ، وكشدَّاد: بلدٌ بالشَّام.
          تنبيه: ذكرَ في ((الفتح)) وغيرِهِ: عن وثيمةَ: أنَّ عَمرو بن العاصِي ☺ بعثَهُ النَّبيُّ صلعم إلى ملكِ عُمان الجُلَنْدَى _بضمِّ الجيم وفتحِ اللَّام وسكون النون وفتحِ الدَّال المهملةِ مقصورٌ_، قال: وذكرَ غيرُهُ: أنَّ الذي آمَن على يَدِ عَمرٍو ولدُ الجلنديِّ عَيَّاذ _بفتحِ العين المهملةِ وتشديدِ التحتيَّة وبالذَّال المعجمة_، وجَيْفَر _بفتحِ الجيم والفاء بينهما تحتية ساكنة_، وكان ذلك بعد خيبرَ كما قال ابنُ عبد البرِّ، وقيل: الصَّوابُ بعد حُنين فتصحَّفَتْ.
          قال: وروى الطَّبرانيُّ من حديثِ المسور بن مَخرمةَ قال: بعث رسُولُ اللهِ صلعم رسلَهُ إلى الملُوكِ، فذكرَ الحديثَ.
          وفيه: وبعثَ عَمرو بن العاص إلى جَيفرَ وعَيَّاذ ابنَي جُلندِي ملكِ عُمان.
          وفيه: فرجعُوا جميعاً قبل وفاةِ رسُولِ الله صلعم إلا عَمْراً، فإنَّه كانَ بالبحرَينِ حين توفِّي رسُولُ اللهِ صلعم.
          قال: ولعلَّ البخاريَّ أشارَ بالتَّرجمتينِ إلى هذا الحديثِ؛ لقوله في حديثِ البابِ: فلم يقدَمْ مالُ البحرينِ حتى قُبِضَ رسُولُ الله صلعم، قال: وروى أحمدُ من طريقِ أبي لَبيد، قال: خرجَ رجلٌ منَّا يقالُ له: بَيْرَح بن أسد _بموحدة فتحتية فراء فحاء مهملة_، بوزن: دَيْلَم، فرآهُ عمرُ بن الخطَّاب، فقال: ممَّن أنتَ؟ فقال: من أهل عُمانَ، فأدخلَه على أبي بكرٍ، فقال: هذا من أهلِ الأرضِ التي سمعْتُ رسُولَ الله صلعم يقولُ: ((إنِّي لأعلَمُ أرضاً يقالُ لها: عُمَان، ينضَحُ بناحِيَتها البَحرَ، لو أتَاهُم رسُولِي ما رمَوهُ بسَهمٍ، ولا حَجَرٍ)).
          قال: وعندَ مسلمٍ من حديثِ أبي برزةَ، قال: بعثَ رسُولُ الله صلعم رجلاً إلى قومٍ فسبُّوهُ وضربوهُ، فجاءَ إلى رسولِ الله صلعم فقال: ((لو أنَّ أهلَ عُمانَ أتيتَ ما سبُّوكَ ولا ضربُوكَ)) انتهى ملخَّصاً.