الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب مرجع النبي من الأحزاب ومخرجه إلى بنى قريظة ومحاصرته إياهم

          ░30▒ (بَابُ مَرْجِعِ النَّبِيِّ صلعم): بإضافةِ: ((باب)) إلى: الـ((مرجع)) وهو بفتح الميم وكسر الجيم على ما في فرعِ ((اليونينية))، مصدرٌ ميميٌّ بمعنى: رجوع، مضافٌ إلى فاعلِهِ، وضبطَهُ الكرمانيُّ: بفتح الجيم، وتبعَهُ البرماويُّ، وقالا: إنَّهُ المناسبُ للمحاصرةِ، فتأمَّل، وهو الموجودُ في ((اليونينية)).
          (مِنَ الْأَحْزَابِ): متعلِّقٌ بـ((مرجع))؛ أي: رجوعُهُ من مكانِهِم، أو من قتالِهِم إلى منزلِهِ بالمدينةِ (وَمَخْرَجِهِ): بفتحِ الميم والراء بينهما خاءٌ معجمة ساكنة؛ أي: وخروجُهُ من الأحزابِ (إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ): بالقاف والراء والظاء المشالة، مصغَّر: قُرظة في الأصلِ، ثمَّ جُعل عَلَماً لقبيلةٍ من اليهُودِ، متعلِّقٌ بـ((مخرجه)) المعطوفِ على: ((مرجع)) (وَمُحَاصَرَتِهِ): بضمِّ الميم، مصدر: حاصَرَ بالحاء والصاد المهملتين مضافٌ لفاعلِهِ ضمير المفردِ الغائِبِ الرَّاجعِ للنبيِّ (إِيَّاهُمْ): بالضَّميرِ المنفصلِ / ، مفعولُهُ راجعٌ لـ((بني قريظة)).
          قال في ((الفتح)): تقدَّمَ السَّببُ في ذلك، وهو ما وقعَ في بني قريظَةَ من نقضِ عهدِهِ ◙، وممالَأتِهِم لقُريشٍ وغطفَانَ عليه، قال: وتقدَّمَ نسبُهُم في غزوةِ بني النَّضيرِ، قال: وذكرَ عبدُ الملكِ بن يوسُفَ في كتابه ((الأنواء)): أنَّهُم من ذريَّةِ شعيبٍ نبيِّ اللهِ ◙، وهو محتملٌ فإنَّ شعيباً كان من بني جُذامَ القبيلَةُ المشهورةَ، وهو بعيدٌ جدًّا قال: وتقدَّمَ أنَّ توجُّهَ النَّبيِّ ╕ إليهم كانَ يوم الأربعاءَ لسَبعٍ بقينَ من ذي القعدةِ، وأنَّهُ خرجَ إليهم في ثلاثةِ آلافٍ، وذكر ابنُ سعدٍ أنَّهُ كان معَ المسلمين ستَّةٌ وثلاثون فرساً، انتهى.
          وقال في ((العمدة)): إنَّهُ كانَ خروجُهُ إليهم سنة خمسٍ، وقال الواقديُّ: في بقيَّةِ ذي القعدة وأوَّل ذِي الحجَّةِ، وحاصرَهُم بضعاً وعشرين ليلةً، وقيل: خمساً وعشرين ليلةً، وقيل: خمس عشرةَ ليلةً، قال ابنُ سعدٍ: وانصرَفَ راجعاً يومَ الخميسِ لثمَانٍ خلونَ من ذي الحجَّةِ.