الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب وفد بني حنيفة وحديث ثمامة بن أثال

          ░70▒ (بَابُ وَفْدِ بَنِي حَنِيفَةَ، وَحَدِيثِ ثُمَامَةَ بْنِ أُثَالٍ): سقطَ لفظ: <باب> وحدَهُ من بعض النُّسخِ، وعلى كلٍّ فقد اشتملتِ التَّرجمةُ على شيئين، و((حَنِيفة)) بفتحِ الحاء المهملةِ وكسرِ النون وتحتية ففاء فتاء تأنيثٍ آخره، ابن لُجيم _بلام مصغَّراً_ ابن صَعب بن عليِّ بن بكر بن وائلٍ، وهي قبيلةٌ كبيرةٌ شهيرةٌ ينزلون اليمامةَ بين مكَّةَ واليمنِ، وكان وفدُهُم سبعة عشرَ رجلاً فيهم مُسيلمةُ، ولمَّا انتهى إلى رسُولِ الله صلعم سألَهُ أن يشركَهُ في الأمرِ، فقال له رسُولُ الله صلعم: ((لو سألتَنِي هذا العسيبَ، ما أعطيتُكَ)) وسيأتي في البابِ من خبرِهِ.
          وأمَّا ((ثُمامة بن أُثال)): فهو بضمِّ المثلثة وتخفيف الميمين بينهما ألفٌ، و((أُثال)) بضمِّ الهمزة وتخفيف المثلثة فألف فلام آخره، ابنِ النُّعمان _بضمِّ النون_ ابنِ مُسيلمةَ الحنَفِي، سيِّد أهلِ اليمامةِ، ومن فُضلاء الصَّحابة.
          وقال في ((التجريد)): لمَّا ارتدَّ أهلُ اليمامةِ، ثبتَ ثُمامة في قومِهِ على الإسلامِ، وكانَ مقيماً بها ينهاهُم عن اتِّباع مسيلمةَ، فلمَّا عصَوهُ عزمَ على مفارقتِهِم، ولمَّا مرَّ العلاءُ بن الحضرميِّ على جانب اليمامةِ يريدُ البحرين؛ لأجلِ قتالِ الحطم ومن تبعَهُ من المرتدِّينَ، فقال ثمامةُ لأصحابِهِ / : ما أرى أن نتخلَّفَ عن العلاءِ، وخرجَ في طائفةٍ، وشهدَ مع العلاءِ قتالَ الحطم، فانهزمَ المشركُونَ، وقُتِلَ الحطم، واشترى ثمامةَ خميصةً للحطمِ، فلمَّا رجعَ ثمامةُ رآه قومُ الحطمِ، وعليه الخميصةُ، فقالوا: أنت قتلْتَ الحطمَ؟ فقال: لم أقتلْهُ، ولكني اشتريْتُ خميصتَهُ من المغنمِ، فلم يقبلوا كلامَهُ وقتلوهُ ☺.
          تنبيه: ذكر في ((الفتح)) وغيرِهِ: أن قصَّة ثمامةَ كانَتْ قبلَ وفدِ بني حنيفةَ بزمانٍ، فإنها كانَتْ قبل فتحِ مكَّةَ كما سيأتي، ولعلَّ البخاريَّ ذكرَها هنا استطراداً، وإلا فلا وجهَ لذكرها.
          واعترضَهُ العينيُّ بقوله: وليس بشيءٍ، ولم يبيِّنْ وجهَهُ.