الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب غزوة سيف البحر

          ░65▒ (بَابُ غَزْوَةِ سِيْفِ الْبَحْرِ): سقطَ لفظ: <باب> وحدهُ من بعضِ الأصُولِ، و((سِيف)) بكسرِ السِّين المهملةِ وسكون التحتيَّة ففاء، ساحلُ البحرِ كذا في العينيِّ كالكرمانيِّ.
          وقال في ((القاموس)): السِّيفُ: بالكسر، ساحلُ البحرِ وساحلُ الوادِي، أو لكلِّ ساحلٍ سِيفٌ، أو إنَّما يُقال ذلك لسِيف عُمانَ.
          وجملة: (وَهُمْ يَتَلَقَّوْنَ عِيراً لِقُرَيْشٍ): حاليَّةٌ، أو مستأنفةٌ، كقولِهِ: (وَأَمِيرُهُمْ أَبُو عُبَيْدَةَ) وقولُهُ: (ابْنُ الجَرَّاحِ): سقطَ لغير أبي ذَرٍّ (☺).
          تنبيه: هذا الكلامُ كقولِ جابرٍ الآتي: فأمَّرَ عليهم أبا عبيدةَ، وقولُهُ: وأميرنا أبو عبيدةَ، صريحٌ في أنَّه الأميرُ على هذا الجيشِ، وهو الصَّحيحُ، لا ما في رواية أبي حمزةَ الخولانيِّ عن جابرٍ المرويِّ في الأطعمَةِ كما في ((الفتح)) بلفظ: فأمَّرَ علينا قيسَ بن سعد بن عبادَةَ على عهدِ رسُولِ الله صلعم.
          قال في ((الفتح)): والمحفُوظُ ما اتَّفقتْ عليه رواياتُ الصَّحيحين أنَّه أبو عبيدةَ، قال: وكأنَّ أحدَ رواتهِ ظنَّ من قيسِ بن سعدٍ في تلك الغزوةِ مما صنع في نحو الإبلِ التي اشتراها أنَّهُ كان أميرَ السَّريَّةِ، وليس كذلك، انتهى فاعرفهُ.
          و((يَتَلَقَّون)): بفتحاتٍ مشدد القاف، والضَّمائرُ تعُودُ للـ((بعث)) أو للغازِين المعلومينَ من المقامِ.
          وقال العينيُّ: لا بدَّ من تقديرِ شيءٍ قبل هذا لينتظمَ الكلامُ، تقديرُهُ: بعثَ رسُولُ الله صلعم بعثاً قِبَلَ ساحلِ البحرِ، فخرجوا وهم يتلقَّون عِيراً؛ أي: يرصُدُون عيراً، وهكذا وقعَ في بعض الرِّواياتِ، و((العِير)) بكسرِ العين، الإبلُ التي تَحملُ الميرةَ.
          تنبيه: قال في ((الفتح)): ذكر ابنُ سعدٍ وغيرُهُ، أنَّ النَّبيَّ صلعم بعثَهُم إلى حيٍّ من جهينةَ بالقَبليَّةِ _بفتحِ القاف والموحَّدة_ مما يلي ساحلَ البحرِ بينهم وبين المدينةِ خمسُ ليالٍ، وأنَّهُم انصرفوا ولم يلقَوا كيداً، وأنَّ ذلك كان في رجَبَ سنةَ ثمانٍ، كما في ((الفتح)).
          وهذا لا يغايرُ ظاهرُه ما في الصَّحيحِ؛ لأنَّهُ يمكن الجمعُ بين كونِهِم يتلقَّون عِيراً لقريشٍ، ويقصدون حيًّا من جهينَةَ، قال: ويقوِّي هذا الجمع ما عندَ مسلمٍ عن جابرٍ، قال: بعث رسُولُ اللهِ صلعم بعثاً إلى أرضِ جهينَةَ فذكر هذه القصَّةَ، قال: لكن تلقِّي عيرَ قريشٍ لا يتصوَّرُ أن / يكون في الوقتِ الذي ذكرَهُ ابنُ سعدٍ في رجبَ سنة ثمانٍ؛ لأنَّهُم حينئذٍ كانوا في الهدنةِ، بل مقتضَى ما في الصَّحيحِ، أن تكون هذه السَّريَّة سنة ثمانٍ، أو قبلَها، قبلَ هدنةِ الحديبيةِ.
          قال: نعم يحتملُ أن يكونَ تلقِّيهم للعيرِ ليس لمحارَبَتهم بل لحفظِهِم من جهينةَ، ولهذا لم يقَعْ في شيءٍ من طرُقِ الخبرِ أنَّهُم قاتَلُوا أحداً، بل فيه أنَّهم أقامُوا نصفَ شهرٍ أو أكثرَ في مكانٍ واحدٍ، انتهى فتأمَّله.