-
مقدمة كتاب الفيض الجاري
-
كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله
-
كتاب الإيمان
-
كتاب العلم
-
كتاب الوضوء
-
كتاب الغسل
-
كتاب الحيض
-
[كتاب التيمم]
-
كتاب الصلاة
-
[كتاب مواقيت الصلاة]
-
[كتاب الأذان]
-
كتاب الجمعة
-
[أبواب صلاة الخوف]
-
[كتاب العيدين]
-
[كتاب الوتر]
-
[كتاب الاستسقاء]
-
[كتاب الكسوف]
-
[أبواب سجود القرآن]
-
[أبواب تقصير الصلاة]
-
[أبواب التهجد]
-
[كتاب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة]
-
[أبواب العمل في الصلاة]
-
[أبواب السهو]
-
[كتاب الجنائز]
-
[كتاب الزكاة]
-
[أبواب صدقة الفطر]
-
كتاب الحج
-
[أبواب العمرة]
-
[أبواب المحصر]
-
[كتاب جزاء الصيد]
-
[أبواب فضائل المدينة]
-
كتاب الصوم
-
[كتاب صلاة التراويح]
-
[أبواب الاعتكاف]
-
كتاب البيوع
-
كتاب السلم
-
[كتاب الشفعة]
-
[كتاب الإجارة]
-
[كتاب الحوالة]
-
[كتاب الكفالة]
-
كتاب الوكالة
-
[كتاب المزارعة]
-
[كتاب المساقاة]
-
[كتاب الاستقراض]
-
[كتاب الخصومات]
-
[كتاب في اللقطة]
-
[كتاب المظالم]
-
[كتاب الشركة]
-
[كتاب الرهن]
-
[كتاب العتق]
-
[كتاب المكاتب]
-
كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها
-
كتاب الشهادات
-
[كتاب الصلح]
-
[كتاب الشروط]
-
كتاب الوصايا
-
[كتاب الجهاد والسير]
-
[كتاب فرض الخمس]
-
[كتاب الجزية والموادعة]
-
كتاب بدء الخلق
-
[كتاب أحاديث الأنبياء]
-
[كتاب المناقب]
-
[كتاب فضائل الصحابة]
-
[كتاب مناقب الأنصار]
-
كتاب المغازي
-
حديث: كنت إلى جنب زيد بن أرقم
-
باب ذكر النبي من يقتل ببدر
-
باب قصة غزوة بدر
-
باب قول الله تعالى: {إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم}
-
باب [في فضل من شهد بدرًا]
-
باب عدة أصحاب بدر
-
باب دعاء النبي على كفار قريش
-
باب قتل أبي جهل
-
باب فضل من شهد بدرًا
-
باب [في تفاصيل غزوة بدر]
-
باب شهود الملائكة بدرًا
-
باب [ببيان من شهد بدرًا]
-
باب تسمية من سمي من أهل بدر
-
باب حديث بنى النضير
-
باب قتل كعب بن الأشرف
-
باب قتل أبي رافع عبد الله بن أبي الحقيق
-
باب غزوة أحد
-
باب: {إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا والله وليهما}
-
باب قول الله تعالى: {إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان}
-
باب: {إذ تصعدون ولا تلوون على أحد}
-
باب: {ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنةً نعاسًا يغشى طائفةً منكم}
-
باب: {ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم}
-
باب ذكر أم سليط
-
باب قتل حمزة
-
باب ما أصاب النبي من الجراح يوم أحد
-
باب [منه.]
-
باب: {الذين استجابوا لله والرسول}
-
باب من قتل من المسلمين يوم أحد
-
باب: أحد يحبنا
-
باب غزوة الرجيع ورعل وذكوان وبئر معونة
-
باب غزوة الخندق
-
باب مرجع النبي من الأحزاب ومخرجه إلى بنى قريظة ومحاصرته إياهم
-
باب غزوة ذات الرقاع
-
باب غزوة بني المصطلق من خزاعة
-
باب غزوة أنمار
-
باب حديث الإفك
-
باب غزوة الحديبية
-
باب قصة عكل وعرينة
-
باب غزوة ذات القرد
-
باب غزوة خيبر
-
باب استعمال النبي على أهل خيبر
-
باب معاملة النبي أهل خيبر
-
باب الشاة التي سمت للنبي بخيبر
-
باب غزوة زيد بن حارثة
-
باب عمرة القضاء
-
باب غزوة مؤتة من أرض الشام
-
باب بعث النبي أسامة بن زيد إلى الحرقات من جهينة
-
باب غزوة الفتح وما بعث حاطب بن أبي بلتعة إلى أهل مكة
-
باب غزوة الفتح في رمضان
-
باب أين ركز النبي الراية يوم الفتح
-
باب دخول النبي من أعلى مكة
-
باب منزل النبي يوم الفتح
-
باب [في نزول سورة النصر، وما قاله النبي يوم الفتح]
-
باب مقام النبي بمكة زمن الفتح
-
باب [من شهد الفتح]
-
باب قول الله تعالى: {ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم}
-
باب غزاة أوطاس
-
باب غزوة الطائف
-
باب السرية التي قبل نجد
-
باب بعث النبي خالد بن الوليد إلى بنى جذيمة
-
سرية عبد الله بن حذافة السهمي وعلقمة بن مجزز المدلجي
-
باب بعث أبي موسى ومعاذ إلى اليمن قبل حجة الوداع
-
بعث علي بن أبي طالب وخالد بن الوليد إلى اليمن قبل حجة الوداع
-
باب غزوة ذي الخلصة
-
باب غزوة ذات السلاسل
-
باب ذهاب جرير إلى اليمن
-
باب غزوة سيف البحر
-
حج أبي بكر بالناس في سنة تسع
-
باب وفد بني تميم
-
باب [مناقب بني تميم]
-
باب وفد عبد القيس
-
باب وفد بني حنيفة وحديث ثمامة بن أثال
-
قصة الأسود العنسي
-
قصة أهل نجران
-
باب قصة عمان والبحرين
-
باب قدوم الأشعريين وأهل اليمن
-
قصة دوس والطفيل بن عمرو الدوسي
-
باب قصة وفد طيء وحديث عدي بن حاتم
-
باب حجة الوداع
-
باب غزوة تبوك
-
حديث كعب بن مالك
-
باب نزول النبي الحجر
-
باب [في تتمة أحداث تبوك]
-
باب كتاب النبي إلى كسرى وقيصر
-
باب مرض النبي ووفاته
-
باب آخر ما تكلم النبي
-
باب وفاة النبي
-
باب [آخر أحواله]
-
باب بعث النبي أسامة بن زيد في مرضه الذي توفي فيه
-
باب [من وصل المدينة بعد وفاة النبي]
-
باب كم غزا النبي؟
-
حديث: كنت إلى جنب زيد بن أرقم
-
كتاب التفسير
░3▒ (بَابٌ قِصَّةُ غَزْوَةِ بَدْرٍ): سقطَ: <باب> وحدَه لأبي ذرٍّ.
وقال في ((الفتح)): ثبتَ ((باب)) في روايةِ كريمةَ؛ أي: وسقطَ في روايةِ غيرها، وبذلكَ صرَّح العينيُّ، وقال القسطلانيُّ: وللأصيليِّ وابن عساكرَ وأبي ذرٍّ: <قصة بدر>، و((بَدْر)) _بفتحِ الموحَّدة وسكونِ الدال المهملة وبالرَّاء_ قريةٌ مشهُورةٌ بينَ الحرمَينِ، سُمِّيت باسم: بدرِ بن مخلدِ بن النَّضرِ بن كنانةَ، كان نزلها، ويُقال: بدرُ بن الحارث بن مخلد، وقيل: سُمِّيت باسمِ حافرها، ففي ((القاموس)): حفرَهَا بدرُ بن قريش، ويُقال: بدرٌ: اسم البئرِ الَّتي بها، فسُمِّيت البئرُ بدراً؛ لاستدارَتِها أو لصفاءِ مائها ورؤيةِ البدر فيها، ثمَّ سُمِّي به الموضعُ جميعه بها.
وقال في ((الفتح)): وحكى الواقديُّ إنكارَ ذلك عن غيرِ واحدٍ من شيُوخِ بني غِفارٍ، وقالوا: إنَّما هي ماؤُنا ومنازلُنَا، وما ملكها أحدٌ قطُّ يُقالُ له: بدرٌ، وإنَّما هو عَلَم عليها كغيرها من البلادِ؛ أي: كالصَّفراءِ وغيرها، وأطالَ العينيُّ في ذلك، وقال السُّهيليُّ: احتفرها رجلٌ من بني غفارٍ ثمَّ من بني الفارِ اسمه: بدرُ بن كلدةَ.
(وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى): بجرِّ ((قول)) أو رفعه؛ أي: في سورةِ آل عمرانَ ({وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ}) أي: فيها، هذا كما قال البَيضاويُّ تذكيرٌ ببعضِ ما أفادَهم التَّوكُّل ({وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ}): الجملة حالٌ من ضميرِ {نَصَرَكُمُ}، وقال: / {أَذِلَّةٌ} بجمعِ القلَّةِ، جمع: ذليلٍ، دونَ ذلائل جمعَ الكثرةِ؛ ليدلَّ على قلَّتهم؛ إذ كانوا ثلاثمائةٍ وثلاثَةَ عشرَ مع ذلَّتِهم لضعفِ الحال وقلَّة المركوبِ والسِّلاحِ؛ لأنَّهم لم يتأهَّبوا للقِتالِ كما ينبغي؛ لأنَّهم خرَجوا لتلقِّي العِيرِ التي مع أبي سفيانَ قادماً بها من الشَّامِ في تجارةٍ لقريش، بخلاف المشركينَ، فإنَّهم خرجوا مستعدِّينَ حين أرسَلَ أبو سفيانَ يستنفرُهُم وكانوا ألفاً.
({فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}): قال في ((الكشَّاف)): فاتَّقوا الله في الثَّباتِ معَ رسولِهِ لعلَّكم تشكرُونَ بتقوَاكُم ما أنعَمَ به عليكم، ولعلَّكُم يُنعِم الله عليكم نعمةً أخرى تشكرُونَها، فوضعَ الشُّكرَ موضعَ الإنعامِ؛ لأنَّه سببٌ له، وقيل: المعنَى لا تضعفوا؛ لأنَّ نعمةَ الإسلامِ لا يقابِلُ شكرَهَا إلَّا ببذلِ المُهَج والشَّهادةِ في سبيله، فاثبُتُوا معه لعلَّكُم تُدرِكوا شُكرَ هذه النِّعمةِ.
({إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ}): ظرفٌ لـ{نَصَرَكُمُ} أو لـ{غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ}، وعلى الثَّاني: المرادُ غزوة أُحُد، وظاهرُ صنيع البُخاريِّ يدلُّ على اختيارِ الأوَّل، وهو قولُ الأكثرينَ، وبه جزمَ الدَّاوديُّ، قال في ((الفتح)): وأنكرهُ ابن التِّين فذهلَ، وزادَ البيضاويُّ: وقيل: بدلٌ ثانٍ من {إِذْ غَدَوتَ} على أنَّ قوله لهم يوم أُحُد، وكان مع اشتراطِ الصَّبرِ والتَّقوى عن المخالفةِ، فلمَّا لم يصبِرُوا عن الغنائمِ وخالفوا أمرَ الرَّسول صلعم لم تنزلِ الملائكَةُ، انتهى.
وقال في ((الفتح)): ويؤيِّد الأوَّل ما روى ابن أبي حاتمٍ بسندٍ صحيحٍ إلى الشَّعبيِّ: أنَّ المسلمين بلغهم يوم بدرٍ أنَّ كرزَ بن جابرٍ مدَّ المشركينَ، فشقَّ عليهم فأنزل الله تعالى: ({أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاَثَةِ آلاَفٍ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ مُنْزَلِينَ}): أي: ولم يمدَّ كرزُ المشركينَ ولم يمدَّ المسلمينَ بالخمسةِ، ومن طريق سعيدٍ عن قتادةَ قال: أمدَّ الله المسلمينَ بخمسةِ آلافٍ من الملائكةِ، وعن الرَّبيعِ بن أنسٍ قال: أمدَّ اللهُ المسلمينَ يومئذٍ بألفٍ، ثمَّ زادهم فصاروا خمسَةَ آلافٍ، قال: وكأنَّه جمع بذلكَ بينَ آيةِ آل عمران والأنفالِ، قال: وقد لمحَ المصنِّف بالاختلافِ في النُّزولِ فذكر قوله تعالى: {وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ} [آل عمران:121] في غزوة أحدٍ، وكذلكَ قوله: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} [آل عمران:128]، وذكر ما عدا ذلك في غزوة بدرٍ، وهو المعتمَدُ، انتهى ما في ((الفتح)) فاعرفْهُ.
وقال الكواشيُّ: أدخلَ همزَةَ الاستفهامِ في: {أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ} على النَّفيِ توبيخاً لهم على اعتقادِهِم أنَّهم لا يُنصَرون بهذا العددِ، فنقلُهُ إلى إثباتِ الفعلِ على ما كان عليه مستقلًّا، وقال البيضاويُّ: وإنَّما جيءَ بـ((لن)) إشعاراً بأنَّهم كالآيسينَ من النَّصرِ لضعفهم وقلَّتِهم وقوَّةِ العدوِّ وكثرتِهِم، قيل: أمدَّهم اللهُ يوم بدرٍ أوَّلاً بألفٍ من الملائكةِ ثمَّ صاروا ثلاثةَ آلافٍ، ثمَّ صاروا خمسةَ آلافٍ قال: وقرأ ابن عامرٍ: ▬مُنَزِّلِينَ↨ بالتَّشديد للتَّكثيرِ أو للتَّدريجِ.
({بَلَى}): إيجابٌ لما بعدَ ((لَنْ))؛ أي: بلى يكفِيكُم، ثمَّ وعدهُم الزِّيادةَ على الصَّبرِ والتَّقوى حثًّا عليهما وتقويةً لقلوبِهِم فقال / : ({إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ}): أي: المشركُونَ ({مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا}): قال البيضَاويُّ: أي: من ساعتِهِم هذه، وهو في الأصلِ مصدرُ: فارت القِدْرُ إذا غلَتْ، فاستُعِير للسُّرعةِ، ثمَّ أُطلِق للحالِ الَّتي لا ريثَ فيها ولا تراخِيَ.
وقال في ((الفتح)): {فَوْرِهِمْ} غضَبِهم، ثبتَ هذا في روايةِ الكشميهنيِّ، وهو قولُ عكرمةَ ومجاهدٍ، ورُوِيَ عن ابن عبَّاسٍ، وقال الحسنُ وقتادَةُ والسُّدِّيُّ: معناه: من وجهِكُم، والمعنَى على الأوَّل: أن يأتوكُم في الحالِ، وقال الرَّاغبُ: الفورُ: شِدَّة الغليانِ، ويُقال ذلك في النَّار نفسها إذا هاجَتْ، وفي القدرِ والغضبِ.
({يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلاَفٍ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ مُسَوَّمِينَ}): بتشديدِ الواوِ المفتوحة لنافعٍ وحمزةَ والكسَائيِّ حال؛ أي: معلَّمينَ بالصُّوفِ، من التَّسويمِ، وهو إظهارُ سِيمَا الشَّيءِ؛ لقوله ◙ لأصحابِهِ: ((تسوَّموا، فإنَّ الملائكَةَ قد تسوَّمَتْ))، وقيل: مرسلينَ من التَّسويمِ بمعنَى: الإسامَةِ، وقرأ ابنُ كثيرٍ وأبو عَمرٍو وابن عامرٍ وعاصمٌ ويعقوبُ، روى ابنُ مردويهِ عن ابن عبَّاسٍ: كانَتْ سِيمَا الملائكةِ يوم بدرٍ عمَائمَ سُودٍ، ويوم أُحُدٍ عمَائمَ حُمْرٍ، وعندَ ابن أبي حاتمٍ: أنَّ الزُّبير كان عليه يوم بدرٍ عمامةٌ صفراءُ معتجراً بها، فنزلت الملائكةُ عليهم عمائمُ صفرٌ.
وقال ابنُ إسحاقَ كما في العينيِّ: حدَّثني مَن لا أتَّهُم عن مقسمٍ عن ابن عبَّاسٍ قال: كانَتْ سِيما الملائكة يوم بدرٍ عمائم بيضٍ قد أرسلوها في ظهورِهِم، ويوم حنينٍ عمائمُ حُمرٍ، ولم تضربِ الملائكةُ في يومٍ سوى يوم بدرٍ، كانوا يكونون عدداً ومدداً لا يضربُونَ، وقال عروةُ: الملائكةُ يومئذٍ على خيلٍ بُلْقٍ وعمائمَ صُفْرٍ، وقال الحسنُ: عمِلُوا على أذنابِ خيلهم ونواصِيهِم بصوفٍ أبيضَ.
({وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ}): أي: إمدادَكُم بالملائكةِ ({إِلاَّ بُشْرَى لَكُمْ}): أي: بشارةً بالنَّصرِ ({وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ}): عطفٌ على المعنَى؛ أي: وما فعلَهُ إلَّا للبُشرَى لكم، ولتسكُنَ إليه نفوسُكُم من الخوفِ ({وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ}): أي: لا من العَدد والعُددِ، قال البيضاوِيُّ: وهو تنبيهٌ على أنَّه لا حاجةَ في نصرِهِم إلى مددٍ، وإنَّما أمدَّهُم ووعدَ لهم به بشارةً لهم وربْطاً على قلوبِهِم من حيثُ إنَّ نظرَ العامَّة إلى الأسبابِ أكثرُ، وحثَّ على أن لا يبالوا بمن تأخَّرَ عنهم ({الْعَزِيزِ}): أي: الَّذي لا يغالبُ في أقضيَتهِ ({الْحَكِيمِ}): أي: الذي ينصُرُ ويخذلُ بواسطةٍ وغيرها على مقتضَى حكمتِهِ وعلمهِ.
({لِيَقْطَعَ}): متعلِّقٌ بمحذوفٍ نحو: أرسَلَ الملائكةَ ليقطَعَ ({طَرَفًا}): أي: ليستأصِلَ جماعةً مِن الكفَّارِ، وقال البيضاويُّ: متعلِّقٌ بـ{نَصَرَكُمُ} أو {وَمَا النَّصْرُ} إن كان اللَّام للعهدِ، والمعنَى: لينقص منهم بقتلِ بعضٍ وأسْرِ آخرينَ، وهو ما كان يوم بدرٍ مِن قتل سبعينَ وأسرِ سبعينَ ({مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْ يَكْبِتَهُمْ}): أي: يهزمَهُم، وقال البيضاويُّ: أو يخزيهِم، والكبتُ: شِدَّة غيظٍ، أو وهنٌ يقعُ في القلبِ، و{أَوْ} للتَّنويعِ دون / التَّرديدِ.
({فَيَنْقَلِبُوا}): أي: فيرجِعُوا ({خَائِبِينَ} [آل عمران:123-127]): أي: لم يُحصِّلوا ما أملوا، قال القسطلانيُّ كـ((الفتح)): وقعَ في روايةِ الأصيليِّ بعد: (({وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ})): <إلى قوله: {فَيَنْقَلِبُوا خَائِبِينَ}>، ولأبي ذرٍّ وابن عساكرَ بعدَ قوله تعالى: {لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}: <إلى قوله: {فَيَنْقَلِبُوا خَائِبِينَ}>، وزادَ في ((الفتح)): وساقَ الآيات كلَّها في روايةِ كريمةَ.
(وَقَالَ وَحْشِيٌّ): بفتحِ الواوِ وسكونِ الحاء المهملة وكسرِ الشِّين المعجمةِ وتشديدِ التَّحتيَّة؛ أي: ابن حارثٍ، مولى طُعَيمةَ مصغَّرُ طعمةَ بطاءٍ وعينٍ مهملتين، وقيل: مولى جُبير بن مطعِم بن عديٍّ، ممَّا وصلهُ المصنِّف في غزوة أُحُدٍ في باب قتل حمزَةَ ☺.
وجملةُ: (قَتَلَ حَمْزَةُ): مقولُ: ((قال))، و((حَمزَة)) بفتحِ الحاء والزَّاي؛ أي: ابن عبد المطَّلبِ، فاعل: ((قتل)) (طُعَيْمَةَ): مصغَّرٌ كما مرَّ، مفعول (ابْنَ عَدِيِّ): بفتحِ العينِ وكسرِ الدَّال المهملتين وتشديدِ التَّحتيَّة (ابْنِ الْخِيَارِ يَوْمَ بَدْرٍ): و((الخِيار)) بكسرِ الخاءِ المعجمةِ وتخفيف التَّحتيَّة فألف فراء، صوابُهُ كما قال القاضِي عياض وتبعه الشُّرَّاح: ابن نوفلٍ، بدل: ((ابن الخيار))، وإن وقعَ في جميعِ النُّسخِ هكذا.
وقال ابن الأثيرِ: هو طُعيمةُ بن عديِّ بن نوفلِ بن عبد منافٍ القرشيُّ، ولم يذكرِ ابن الخيار، ولمَّا قتله حمزةُ قال جُبير بن مطعِم لعبدهِ وحشيٍّ: إن قتلتَ حمزةَ بعمِّي فأنت حُرٌّ، فقتله في أُحُدٍ كما سيأتي مفصَّلاً.
(وَقَوْلُهُ تَعَالَى): أي: في سورةِ الأنفالِ، وهو معطوفٌ على ((قول الله تعالى)) ففيه الوجهانِ السَّابقان ({وَإِذْ}): مفعُولٌ به لمحذوفٍ؛ أي: واذكُر، أو مفعولٌ فيه له بتقديرِ مضافٍ نحو: واذكُرْ حال إذ ({يَعِدُكُمُ اللَّهُ}): أي: معشرَ المسلمينَ ({إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ}): أي: عيرَ قريشٍ الَّتي جاءت مع أبي سفيانَ من الشَّامِ والنَّفير الَّذي خرجَ من قريشٍ لاستنقاذها من أيدي المسلمينَ.
({أَنَّهَا لَكُمْ}): بفتحِ الهمزةِ، بدل اشتمالٍ من {إِحْدَى} ({وَتَوَدُّونَ}): أي: وتتمَنَّون ({أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ} [الأنفال:7]): أي: العير، فإنَّها لم يكن فيها إلَّا أربعون رجلاً وفيها الأموالُ، فتمنَّاها المسلمونَ.
قال في ((الفتح)): يُقال: كانَتْ العِير ألفَ بعيرٍ، وكان المالُ خمسينَ ألف دينارٍ، وكان فيها ثلاثون رجلاً من قريش، وقيل: أربعون، وقيل: سبعُونَ، بخلاف الطَّائفةِ الأخرَى فإنَّ فيها السِّلاح، وكان معها أبو جهلٍ وأميَّة بن خلفٍ وغيرُهما من قريش مستعدِّين للقتالِ، وكانوا ألفاً، فلمَّا فاتتِ العِير نزل رسُولُ الله صلعم بدراً فوقعَ القتالُ وحصلتِ الغلبةُ للمسلمينَ، والحمدُ لله ربِّ العالمين، وقتلوا من الكفَّار سبعينَ وأسَرُوا سبعينَ، وسقطَ قوله: <{وَتَوَدُّونَ}>...إلخ لغيرِ أبي ذرٍّ وابن عساكرَ، ولبعضهم: <{وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ}... الآية>.
قال في ((الفتح)): هذه الآيةُ أُنزِلت في قصَّة بدرٍ بلا خلافٍ، بل جميعُ سورة الأنفالِ أو معظمها نزلت في قصَّة بدرٍ.
(الشَّوْكَةُ: الحِدَّةُ): بكسرِ الحاء وتشديدِ الدَّال المهملتين وتاء، خبر: ((الشَّوكة))، ووقعَ / في نسخٍ: <الحَدُّ> بلا تاءٍ فيكون بفتح الحاء.
قال في ((الفتح)) وغيره: هذا قولُ أبي عبيدةَ في كتاب ((المجاز))، يُقال: ما أشدَّ شوكةَ بني فلانٍ؛ أي: حدَّهم، وكأنَّها استعارَةٌ من واحدِ الشَّوكِ، انتهى.
وقال في ((القاموس)): الشَّوكةُ: السِّلاحُ وحدَّتهُ، وقال الكرمانيُّ: الشَّوكةُ شدَّة البأسِ والحدَّة في السِّلاح، انتهى.