الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب غزوة ذات السلاسل

          ░63▒ (بَابُ غَزْوَةِ ذَاتِ السَّلاَسِلِ): سقطَ لفظ: <باب> وحدَهُ من بعضِ الأصُولِ، وسمِّيتْ بذلك؛ لأنَّ المشركينَ تسلسلوا فيها، وارتبطَ بعضُهم إلى بعضٍ مخافةَ أن يفرُّوا، وقيل: لأنَّ بها ماءً في بلادٍ جذامٍ، يقالُ له: السَّلاسل، جمع: سَلْسَل كجعفر، وهي وراءُ وادي القُرى بينها وبين المدينةِ عشرةُ أيَّامٍ، قيل: وكانَتْ في جمادى الآخرة سنة ثمانٍ من الهجرةِ، وقيل: سنة سبعٍ، وبه جزمَ ابنُ أبي خالدٍ في كتاب ((صحيح التاريخ)) وهي بعدَ غزوةِ مؤتَةَ، كما نَقَلَ الاتِّفاق على ذلك ابنُ عساكرَ، لكن قال ابنُ إسحاقَ: إنَّها قبلَهَا، وهو مقتضَى كلامِ ابن سعدٍ، وما تقدَّم عن ابنِ أبي خالدٍ، قالَهُ في ((الفتح)).
          (وَهْيَ غَزْوَةُ لَخْمٍ): بفتحِ اللَّام وسكون الخاء المعجمة، قبيلةٌ / كبيرةٌ يُنْسبون إلى لَخْم، واسمه: مالكُ بن عديِّ بن الحارثِ بن مرَّةَ بن أدد (وَجُذَامَ): بضمِّ الجيم وفتحِ الذَّال المعجمة، واسمهُ: عامر، قبيلةٌ كبيرةٌ أيضاً، يُنْسبون إلى: عَمرو بن عدي، وهم إخوةُ لَخمٍ على المشهورِ، وأختها: عاملة، وقيل: هم من ولدِ أسد بن خزيمةَ.
          وقال الكرمانيُّ: لَخْمٌ وجُذام: قبيلتانِ باليمنِ، وقال العينيُّ، نقلاً عن الرشاطيِّ: كان لَخْم وجذامٌ أَخوين فاقتتلا، وكان اسمُ لَخْمٍ: مالك بن عدي، واسم جُذام: عامرُ بن عدي، فجذَمَ مالكٌ إصبعَ عامرٍ فسُمِّي جُذاماً؛ لأنَّ إصبعه جذمَتْ، ولخَمَ عامرٌ مالكاً فسُمِّي لَخْماً واللَّخمَةُ: اللَّطْمةُ.
          (قَالَهُ): أي: قال ما ذُكِرَ من أنَّ الغزوتين المذكورتين غزوةٌ واحدةٌ (إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ): واسمُ أبي خالدٍ: سعدٌ، ويقال: هرمزٌ، ويقالُ: كثيرٌ الأحمسيُّ البجليُّ مَولاهُم (وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ): هو محمَّدٌ صاحبُ ((المغازي)) المشهورة (عَنْ يَزِيدَ): بكسرِ الزَّاي؛ أي: ابن رومانَ المدنيِّ (عَنْ عُرْوَةَ): أي: ابن الزُّبير بن العوَّام (هِيَ): أي: ذاتُ السَّلاسل (بِلاَدُ بَلِيٍّ): بفتحِ الموحَّدة وكسرِ اللَّام الخفيفةِ فتحتية مشددة للنسبةِ، قبيلةٌ كبيرةٌ تُنسب إلى بَلِي بن عَمرو بن الحافِّ بن قُضاعَة (وَعُذْرَةَ): بضمِّ العين المهملةِ وسكون الذَّال المعجمة، قبيلةٌ كبيرةٌ يُنسبون إلى: عذرةَ بن سعدِ بن هذيم بن زيدِ بن ليثِ بن سويد بن أسلُم _بضمِّ اللَّام_ ابن الحاف بن قُضَاعةَ.
          (وَبَنِي الْقَيْنِ): بفتحِ القاف وسكونِ التحتيَّة فنون، قبيلةٌ كبيرةٌ يُنسبُون إلى القينِ بن خسر، وكان اسمُه: النُّعمان بن شِيْع الله _بكسرِ الشِّين المعجمة وسكونِ التحتيَّة فعين مهملة_ ابن أسدِ بن وبرةَ بن ثعلب بن حلوانَ بن عِمران بن الحافِّ بن قُضاعةَ.
          قال في ((الفتح)): ووهمَ ابنُ التِّينِ، فقال: بنو القَيْن قبيلةٌ من تميم، بل الثَّلاثة بطونٌ من قُضاعةَ كما علمْتَ.
          وقال في ((الفتح)) أيضاً: ويقالُ: كان النُّعمانُ له عبدٌ يُسمَّى: القَيْن، حضنَهُ فنُسِبَ إليه.