التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب: يبدأ الرجل بالتلاعن

          ░28▒ (بَابٌ يَبْدَأُ الرَّجُلُ بِالتَّلاَعُنِ)
          5307- ذكر فيه حديثَ عِكْرِمةَ: (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ☻ أَنَّ هِلاَلَ بْنَ أُمَيَّةَ قَذَفَ امْرَأَتَهُ، فَجَاءَ فَشَهِدَ وَالنَّبِيُّ صلعم يَقُولُ: إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ أَنَّ أَحَدَكُمَا كَاذِبٌ، فَهَلْ مِنْكُمَا تَائِبٌ؟ ثُمَّ قَامَتْ فَشَهِدَتْ).
          قام الإجماعُ على بَدَاءةِ الرَّجل باللِّعان قبلَ المرأة؛ لأنَّ الله تعالى بدأ به، فإن بدأت قبلَهُ لم يُجزِئْها وأعادَتْه بَعْدُ على ما رتَّبه اللهُ ورسولُه، كذا حكاه ابن بطَّالٍ، وحكى ابنُ التِّين عن ابن القاسم وأبي حنيفةَ صحَّته مع مخالفة السُّنَّة، وقال الشَّافعيُّ وأشهبُ بالمنع ويعيده.
          فَصْلٌ: وفيه التَّلاعُن من قيامٍ، قال الطَّبريُّ: وهو دال ٌعلى الاستحلاف قائمًا لكلِّ حاكمٍ / في الأمر العظيم.
          فَصْلٌ: وقوله: (اللهَ يَعْلَمُ أَنَّ أَحَدَكُمَا كَاذِبٌ) ظاهرُه يقتضي أنَّه قالَه بعد المٌلَاعنة؛ لأنَّه حينئذٍ تحقَّق الكذبُ ووجبت التَّوبة، وذهب بعضُهم إلى أنَّه إنَّما قاله قبل اللِّعان لا بعدَه تحذيرًا لهما ووعظًا، وكِلَاهما قريبٌ مِن معنى الآخر، ويؤيِّد الأوَّل حديثُ ابن عُمَر الآتي في باب: صَدَاقِ المُلَاعَنَةِ [خ¦5311].
          فَصْلٌ: قال المهلَّب: وفيه دليلٌ أنَّ المختلفين المتضادَّين اللَّذين لا يكون الحقُّ في قول واحدٍ منهما يُعذران في دعاويهما، ولا يُعاقَبُ كلُّ واحدٍ منهما بتكذيب صاحبهِ وإبطال قوله، لأنَّه ◙ عَذَرَ المتلاعنَين في الحُدُود ولم يُقِم الحدَّ بالتَّحالف.