التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب: إذا قال لامرأته وهو مكره: هذه أختي، فلا شيء عليه

          ░10▒ (بَابٌ إِذَا قَالَ لاِمْرَأَتِهِ وَهْوَ مُكْرَهٌ: هَذِهِ أُخْتِي، فَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ.
          قَالَ النَّبيُّ صلعم: قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِسَارَةَ: هَذِهِ أُخْتِي، وَذَلِكَ فِي ذَاتِ اللهِ تَعَالَى).
          هذا التَّعليق تقدَّم مسندًا عند البخاريِّ في البُيوع [خ¦2217]، وأراد بهذا التبويب ردَّ قول مَن نهى عن أن يقول الرَّجل لامرأته: يا أختي، لأنَّه روى عبد الرَّزَّاق، عن الثَّوريِّ، عن خالدٍ الحذَّاء، عن أبي تَمِيمَة الهُجَيْمِيِّ قال: مرَّ رسولُ الله صلعم على رجلٍ وهو يقول لامرأته: يا أُخيَّة، فزَجَرهُ. ومعنى كراهة ذلك: خوفُ ما يدخل على مَن قال لامرأته: يا أختي أو أنت أختي، بمنزلة مَن قال: أنت عليَّ كظَهْر أمِّي أو كظَهْر أختي، في التَّحريم إذا قصد إلى ذلك، فأرشده الشَّارعُ إلى اجتناب الألفاظ المُشكِلة الَّتي يتطرَّق بها إلى تحريم المُحَلِّلات.
          وليس يُعارِض هذا قولُ إبراهيمَ ◙ في زوجته: (هَذِهِ أُخْتِي) لأنَّه إنَّما أراد بها أخته في الدِّين والإيمان، فمَن قال لامرأته أنَّها أختُهُ وهو ينوي ما نواه إبراهيم مِن أُخوَّة الدِّين، فلا يضرُّه شيئًا عند جماعة العلماء، لأنَّ بساط الحال يقضي على قوله ونيَّته، وهو أصلٌ لكلِّ مِن اضطرَّ إلى شيءٍ مثل هذا.
          وفي أبي داودَ بإسنادٍ جيِّدٍ مِن حديثِ أبي تَمِيمَة الهُجَيْمِيِّ، عن رجلٍ مِن قومه سمعَ النَّبيَّ صلعم قال: مرَّ رسولُ الله صلعم على رجلٍ وهو يقول لامرأته: يا أُخيَّة، فَزَجَره. وقد سلف أيضًا، وروى ابن أبي شَيْبَة في «مصنَّفه» عن عَمْرِو بن شُعَيبٍ: أنَّه ◙ سمع رجلًا يقول لامرأةٍ: يا أُخيَّة، فقال: ((لَا تَقُلْ لهَا: يَا أُخَيَّة))، وسُئِلَ الحسنُ عن ذلك، فقال: ما هو وتَمْرَتَانِ إلَّا واحدٌ.
          وقال أبو يوسف: إن لم تكن له نيَّةٌ فهو تحريمٌ، وقال محمَّد بن الحسنِ: هو ظِهارٌ إذا لم تكن له نيَّةٌ، ذكرَه الخطَّابيُّ.
          فَصْلٌ: ذكر في بابٍ آخر [خ¦3358]: ((لَمْ يَكذِبْ إِبْراهِيمُ صلعم إِلَّا ثَلَاثِ كَذِباتٍ: ثِنْتَينِ في ذاتِ اللهِ، ووَاحِدةً في ذاتِ نَفسِه))، وهو أشبه لأنَّه إنَّما كان خاف على نفسه.