مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب رقية الحية والعقرب

          ░37▒ باب رقية الحية
          فيه حديث عبد الرحمن بن الأسود، وأخرجه (م) (ن)، وسلف معنى الحمة في باب من اكتوى، وهذا الحديث يبين ما روي عن علي وابن مسعود أنهما قالا: الرقى والتمائم والتولة شرك، أن المراد بذلك رقى الجاهلية وما يضاهي السحر من الرقى المكروهة.
          روى ابن وهب عن يونس بن يزيد عن ابن شهاب قال: بلغني عن رجال من أهل العلم أنهم كانوا يقولون أنه ◙ نهى عن الرقى حتى قدم المدينة، وكان الرقى في ذلك الزمن فيها كثيرٌ من كلام الشرك، فلما قدم المدينة لدغ رجل من أصحابه، قالوا: يا رسول الله، قد كان آل حزم يرقون من الحمة، فلما نهيت عن الرقى تركوها. فقال ◙: ((ادعوا لي عمارة)) وكان قد شهد بدراً، قال: ((اعرض علي رقيتك)) فعرضها عليه، ولم ير بها بأساً وأذن له فيها.
          قال والدي ⌂:
          (باب الرقى بالقرآن).
          (الرقى) جمع: الرقية نحو الكلى والكلية تقول منه: استرقيته فرقاني فهو راق، و(المعوذات) بكسر الواو وكان حقه المعوذتين؛ لأنهما سورتان فجمع إما لإرادة هاتين السورتين وما يشبههما من القرآن أو باعتبار أن أقل الجمع اثنان وإنما رقى بهن لأنهن جامعات للاستعاذة من كل المكروهات جملة وتفصيلاً، وجاء في بعض الروايات أنه صلعم كان يرقي بسورة الإخلاص والمعوذتين فهو من باب التغليب.
          و(ينفث) بضم الفاء وكسرها والنفث شبيه النفخ وهو أقل من التفل.
          قوله: (أبو بشر) بكسر الموحدة وسكون المعجمة جعفر و(أبو المتوكل علي الناجي) بالنون وخفة الجيم وشدة التحتانية و(لم يقروهم) أي: لم يضيفوهم و(بينا هم) في بعضها بينما هم بزيادة الميم و(الجعل) بضم الجيم ما جعل للإنسان الغير المعين من الشيء على عمل يعمله و(القطيع) بفتح القاف الطائفة من الغنم، وقيل: كان ثلاثين وجمع الشاه شياه، وإذا كثرت قيل هذه شاء كثيرة(1) و(جعل) أي: طفق وفاعله أبو سعيد لما ثبت أنه كان الراقي و(يتفل) بالفوقانية وضم الفاء وكسرها، وفيه أن الفاتحة فيها رقية وأن المعلم له سهم مما أخذه المتعلم(2).
          قوله: (سيدان) بكسر المهملة وتسكين التحتانية وبالمهملة وبالنون ابن مضارب بفاعل المضاربة بالمعجمة والراء والموحدة الباهلي بالموحدة وكسر الهاء البصري مات سنة أربع وعشرين ومائتين وهو من أفراد الأسماء غريب و(أبو معشر) بفتح الميم وإسكان المهملة وفتح المعجمة وبالراء، وفي بعضها بكسر الميم يوسف ابن يزيد بالزاي البراء كان يبري السهم و(عبيد الله بن الأخنس) بفتح الهمزة والنون وإسكان المعجمة بينهما وبالمهملة أبو مالك النخعي مر في الحج و(عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة) مصغر الملكة.
          قوله: (سليم) سمى اللديغ بالسليم على العكس تفاؤلاً كما يقال للمهلكة مفازة و(رجلا) في بعضها رجل وهو إما أنه مكتوب على اللغة الربعية حيث أنهم يقفون على المنصوب المنون بالسكون أو / تقدر ضمير الشأن في الكلام و(انطلق رجل) أي: أبو سعيد الخدري و(على شاء) متعلق بمحذوف؛ أي: قرأ مشروطاً على شاء أو مقرراً أو مصالحاً عليه، وفيه جواز الأخذ على تعليم القرآن وكونه مهراً في النكاح.
          قوله: (العين) لا يريد به الرمد بل الإضرار بالعين والإصابة بها كما يتعجب الشخص من الشيء بما يراه بعينه فيتضرر ذلك الشيء من نظره.
          و(محمد بن كثير) ضد القليل(3) و(معبد) بفتح الميم والموحدة وإسكان المهملة التي بينهما، ابن خالد القاضي الكوفي و(عبد الله بن شداد) بفتح المعجمة وتشديد المهملة الأولى الليثي بالتحتانية والمثلثة و(محمد) هو ابن يحيى بن عبد الله بن خالد الذهلي بضم المعجمة و(محمد بن وهب بن عطية) بفتح المهملة الأولى وكسر الثانية وشدة التحتانية الدمشقي بفتح الميم.
          (محمد بن حرب) ضد الصلح الأبرش بالموحدة والراء والمعجمة الحمصي و(محمد بن الوليد) بفتح الواو وكسر اللام الزبيدي مصغر الزبد بالزاي والموحدة والمهملة و(الزهري) هو محمد بن مسلم. وهذا من الغرائب إذ كل مسمى لمحمد فهو مسلسل بالمحمدين و(أم سلمة) بفتح اللام و(السفعة) الصفرة والشحوب في الوجه. الخطابي: أصل السفع الأخذ بالناصية و(النظرة) يريد بها: العين، يقال: عيون الجن أنفذ من أسنة الرماح. ولما مات سعد بن عبادة سمعوا هاتفاً من الجن يقول:
          قد قتلنا سيد الخزرج
          البيتين.
          فتأوله بعضهم فقال أي: أصبناه بعينين، وقال: الإصابة بالعين حق، وإن لها تأثيراً في النفوس والطباع إبطالا لقول من يزعم من أصحاب الطبيعة أنه لا شيء إلا ما تدركه الحواس وما عداها فلا حقيقة له.
          قال والرقية التي أمر بها رسول الله صلعم هي ما يكون بقوارع القرآن، وبما فيه ذكر الله تعالى على ألسن الأبرار من الخلق الطاهري النفوس وهو الطب الروحاني، وعليه كان معظم الأمر في الزمان المتقدم الصالح أهله، فلما عز وجود هذا الصنف من أبرار الخليقة مال الناس إلى الطب الجسماني حيث لم يجدوا للطب الروحاني نجوعاً في الأسقام لعدم المعاني التي كان يجمعها الرقاة المقدسة من البركات وما نهى عنه هي: رقية العرافين ومن يدعي تسخير الجن، قال وإليه ينحو أكثر من يرقى من الحية ويستخرج السم من بدن الملسوع، ويقال: ذلك أن الحية بما بينها وبين الإنسان من العداوة تؤالف الشيطان الذي هو عدو أيضاً للآدمي فإذا عزم على الحية بأسماء الشيطان أجابت وخرجت من مكانها وكذلك اللديغ إذا رقى بتلك الأسماء سالت سمومها وخرت من مواضعها من بدن الإنسان. قال النووي: أنكر طائفة العين أي قالوا لا أثر لها، والدليل على فساد قولهم أنه أمر ممكن والصادق أخبر بوقوعه فلا يجوز تكذيبه.
          وقال بعضهم: العائن تنبعث من عينه قوة سمية تتصل بالمعين فيهلك كما تنبعث من الأفعى، والمذهب أن الله تعالى أجرى العادة بخلق الضرر عند مقابلة هذا الشخص لشخص آخر، وأما انبعاث جوهر منه إليه فهو من الممكنات.
          قوله: (عبد الله [بن] سالم) الكوفي و(الزبيدي) بضم الزاي وفتح الموحدة و(عروة عن النبي صلعم) مرسل لأنه تابعي و(إسحاق بن نصر) بسكون المهملة و(الوشم) بالمعجمة، غرز الإبرة في العضو ثم التحشية بالكحل، قال بعضهم: / وإذا عرف واحد بالإصابة ينبغي اجتنابه وعلى الإمام منعه من مداخلة الناس وأمره بلزوم بيته إذ ضره أكثر من ضر أكل الثوم.
          قوله: (سليمان الشيباني) بفتح المعجمة وإسكان التحتانية وبالموحدة وبالنون أبو إسحاق و(عبد الرحمن بن الأسود) ضد الأبيض ابن يزيد من الزيادة النخعي و(الحمة) بضم المهملة وخفة الميم، سم العقرب ونحوها.
          قوله: (رخص) هذا مشعر بأنه كان منهيًّا عنه ولعله نهاهم عنه لما عسى أن يكون فيها من ألفاظ الجاهلية فلما علم أنها عارية عنها أباح لهم.
          الزركشي:
          (فلم يقروهم) بفتح أوله.
          (العين حق) أي: الإصابة بالعين حق وأن لها تأثيراً في النفوس.
          (من عين) أي: من إصابته العين.
          (أو حمة) بضم الحاء وتخفيف الميم؛ أي: ذات سم.


[1] في هامش المخطوط: ((أقول: وقيل إن السرية كانوا ثلاثين من الصحابة أحدهم الراقي أبو سعيد الخدري)).
[2] في هامش المخطوط: ((أقول: فإن قلت هو ◙ ما أعلم أبا سعيد أن الفاتحة رقية فكيف ألحق بها؟ قلت: هو معلم كل خير لأمته مطلقاً وأصل تعليم السورة منه ◙)).
[3] في هامش المخطوط: ((أقول: سلف في كلام ابن الملقن ⌂ أنه محمد بن كبير بالباء الموحدة بعد الكاف فلينظر ذلك، وقد ذكر أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله في مشايخ (خ) محمد بن كثير أبو عبد الله العبدي البصري أخو سلمان بن كثير، وسلمان أكبر منه بخمسين سنة، روى عنه (خ) مات سنة 223، وكذلك ذكره الذهبي في المسند وليس أحد من مشايخ السنة أحد اسمه محمد بن كبير بالباء بعد الكاف فاعلمه)).