مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب المن شفاء للعين

          ░20▒ باب المن شفاء للعين
          فيه حديث غندر، عن شعبة، عن عبد الملك، عن عمرو بن حريث، عن سعيد بن زيد: سمعت النبي صلعم يقول: ((الكمأة من المن، وماؤها شفاء للعين)).
          قال شعبة: وأخبرني الحكم بن عيينة إلى آخره، هذا الحديث تقدم في التفسير، وأخرجه (م) (ت) (ن) (ق)، وذكر الطبري عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال: كثرت الكمأة على عهد رسول الله، فامتنع أقوام من أكلها وقالوا: هي جدري الأرض، فبلغ ذلك رسول الله فقال: ((إن الكمأة ليس من جدري الأرض، ألا إن الكمأة من المن..)) الحديث.
          والكمأة معروفة، كما أن المن معروف، كل واحد منهما غير نوع صاحبه، والكمأة وإن لم تكن من نوع المن فإنه يجمعهما في المعنى أنهما مما يحدثه الله رزقاً لعباده من غير أصل له ومن غير صنع منهم ولا علاج؛ إذ كانت جميع أقوات العباد لا سبيل إليها إلا بأصل عندهم وغرس، وليس كذلك الكمأة والمن.
          وسلف أن الكمأة جمع واحدها: كمء، على غير قياس، وهو من النوادر؛ لأن الأكثر على أن حذف الهاء علامة للجمع، مثل: تمرة وتمر، وهذا بعكس ذلك ثبتت الهاء في جمعه وسقطت في مفرده، وهو البرقاس.
          ولم يرد أنها من المن الذي أنزل الله على بني إسرائيل؛ فإن ذلك كان شيء يسقط وكالترنجبين عليهم، وإنما أراد به شيء ينبت بنفسه من غير تكلف حرث ولا زرع، وإنما نالت الكمأة هذا؛ لأنها حلال لا شبهة في اكتسابها.
          قوله: (وماؤها شفاء للعين) يريد: أنه يربى به الكحل والتوتيا ونحوهما مما يكتحل به فينتفع بذلك، وليس بأن يكتحل به وحده، فذلك يؤذي العين ويقذيها.
          وقيل: أراد العين التي هي النظرة للشيء يتعجب منه، ودليل ذلك قوله في رواية أخرى: ((شفاء من العين)).
          وقيل: يريد من داء العين، فحذف المضاف، مثل: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} [يوسف:82].