مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب: أي ساعة يحتجم؟

          ░11▒ باب: أي ساعة يحتجم؟
          واحتجم أبو موسى ليلاً هذا التعليق أخرجه ابن أبي شيبة عن هشيم.
          ثم ساق حديث ابن عباس قال: احتجم النبي صلعم وهو صائم، وسلف في الصوم.
          والحجامة ليلاً أو نهاراً، وفي كل وقت احتيج إليها مباحة. وقد ذكر احتجامه نهاراً لقوله: وهو صائم. دليلاً عن أبي موسى. ومنع مالك الحجامة في الصوم لئلا يغرر بنفسه.
          وقت الحجامة في أيام الشهر لم يصح فيه شيء عند (خ)؛ فلذلك لم يتعرض لها، وقد وردت فيها أحاديث، من ذلك ما رواه (د) من حديث سعيد بن عبد الرحمن الجمحي بسنده، عن أبي هريرة مرفوعاً: ((من احتجم لسبع عشرة وتسع عشرة وإحدى وعشرين كان شفاء من كل داء)) وفي رواية: ((من احتجم يوم الأربعاء ويوم السبت فأصابه وضح فلا يومن(1) إلا نفسه)) في إسناده سليمان بن أرقم، وهو متروك.
          ومن حديث أبي بكرة بكار بن عبد العزيز بن أبي بكرة وفيه كلام عن عمته كبشة بنت أبي بكرة، عن أبيها أنه كان ينهى أهله عن الحجامة يوم الثلاثاء، ويزعم عن رسول الله بأن يوم الثلاثاء يوم الدم وفيه ساعة لا يرقأ.
          وعند (ت) محسناً عن أنس أنه ◙ كان يحتجم لسبع عشرة وتسع عشرة وإحدى وعشرين.
          زاد ابن الجوزي في ((علله)): ((عليكم بالحجامة يوم الخميس فإنها تزيد في العقل)).
          وفي ((طب أبي نعيم)) من حديث ابن عباس مرفوعاً: ((الحجامة في الرأس شفاء من سبع: الجنون والجذام والبرص والنعاس ووجع الأضراس والصدر والظلمة يجدها في عينه))، ومن حديث ابن عمر مرفوعاً: ((الحجامة تزيد في الحفظ وفي العقل وتزيد الحافظ حفظاً فعلى اسم الله يوم الخميس ويوم الجمعة ويوم السبت ويوم الأحد ويوم الإثنين ويوم الثلاثاء ولا تحتجموا يوم الأربعاء فما نزل من جنون ولا جذام ولا برص إلا ليلة الأربعاء)).
          وفي رواية: ((الحجامة في الرأس شفاء من الجنون والجذام والبرص)).
          ومن حديث عبد الحميد بن صيفي بن صهيب عن أبيه عن جده يرفعه: ((عليكم بالحجامة في جوزة القمحدورة، فإنها دواء من اثنين وسبعين داء من الجنون والجذام والبرص ووجع الأضراس)).
          قال الطبري: فإن قلت: قوله: ((أمثل ما تداويتم به الحجامة)) أهو على العموم أو الخصوص؟ فإن قلت: على العموم فما أنت قائل فيما رواه ابن علية، عن ابن عون، عن ابن سيرين أنه قال: إذا بلغ الرجل أربعين لم يحتجم. قال ابن عون: فتركت الحجامة وكانت نعمة من الله؟ وإن قلت: على الخصوص فما الدليل عليه؟ قلت: أمر ◙ بذلك أمته إنما هو أمر ندب وهو عام فيما ندبهم إليه من معناه. وذلك أنه أمرهم بها حظًّا منه لهم على ما فيه نفعهم، ولدفع ما يخاف من الدم على أجسامهم إذا كثر فندبهم إلى استعمال ذلك لقوله في حديث أنس: ((إن الدم إنما ينفع صاحبه قتله)) وغير بعيد ما روي عن ابن سيرين من النهي المذكور، وذلك أنه في انتقاص من عمره، وانحلال من قوى جسده، وفي ذلك غناء له عن معونته عليه بما يزيده وهناً على وهن، نعم محمول على عدم الاحتياج إليها وإذا احتاج إليها فحق عليه حينئذ إخراجه، والآخر ندب إليه.
          قلت: والأطباء على خلاف ما قاله ابن سيرين.
          قال ابن سينا في ((أرجوزته)) في الفصادة وهي نحو الحجامة:
ومن يكن تعود الفصادة                     فلا يكن يقطع تلك العادة
لكن من بلغ الستينا                     وكان ذا ضخامة مبينا
فافصده في السنة مرتين                     ولا تحد فيه عن الفصلين
إن بلغ السبعين فافصده مرة                     ولا تزد فيه على ذي الكرة
وإن تزد خمساً ففي العامين                     في الباسليق افصده مرتين
وامنعه بعد ذاك كل فصد                     فإن ذاك بالشيوخ مردي


[1] لعل الصواب: ((يلومن)).