مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب الحمى من فيح جهنم

          ░28▒ باب الحمى
          فيه حديث ابن عمر قال: قال النبي صلعم: ((الحمى من فيح جهنم)) الحديث.
          وحديث أسماء: أنها كانت إذا أتيت بالمرأة الحديث، وأخرجه (م) (ت) (ن) (ق).
          وحديث عائشة مرفوعاً: ((الحمى من فيح جهنم)).
          وحديث رافع بن خديج عن النبي صلعم مثله، وقال: ((من فوح جهنم)).
          وقد فسرت أسماء بأن إبراد الحمى صب الماء على جسد المحموم، وقد تختلف أحوال المحمومين، فمنهم من يصلح بأن يبرد بصب الماء عليه، وآخر يصلح أن يبرد بشرب الماء.
          وزعم بعض العلماء أن بعض الحميات هي التي يجب إبرادها بالماء، وهي التي عني الشارع، وهي الحارة التي يكون أصلها من الحر. والحديث يراد به الخصوص، واستدل على ذلك بالحديث: ((الحمى من فيح جهنم)) والفيح عند العرب: سطوع الحر عن صاحب ((العين)) يقال: فاحت القدر: غلت. وفي كتاب ((الأفعال)): فاحت النار والحر، فيحا: انتشر.
          والفوح والفيح لغتان، يقال: فاحت ريح المسك تفيح وتفوح فيحاً وفوحاً وفووحاً؛ قاله الجوهري، قال: ولا يقال: فاحت ريح خبيثة.
          قوله: (نبردها) هو ثلاثي من برد يتعدى ولا يتعدى، تقول: بردت الماء وبردته أنا. قال الجوهري. ولا يقال: أبردته إلا في لغة رديئة.
          قال الخطابي: غلط في هذا الحديث بعض من ينسب إلى العلم فانغمس في الماء لما أصابته الحمى فاختنقت الحرارة في باطن دمه فأصابته علة صعبة كاد أن يهلك، فلما خرج من علته قال قولاً فاحشاً لا يحسن ذكره، وذلك لجهله بمعنى الحديث وتدبير الحميات الصفراوية وبسقي الماء الصادق البرد ووضع أطراف المحموم فيه أنفع العلاج وأسرعه إلى إطفاء نارها، فإنما أمر بإطفاء الحمى وتدبيرها بالماء على هذا الوجه دون الانغماس فيه وغط الرأس فيه.
          وحديث أسماء يشبه هذا المعنى، وروي: / ((فأبردوها بماء زمزم)). وهذا من ناحية البركة، وبلغني عن ابن الأنباري أن معنى: ((فأبردوها بالماء)) أي: تصدقوا بالماء عن المريض يشفه الله؛ لما روي: أن أفضل الصدقة سقي الماء.
          قال والدي ⌂:
          (باب لا صفر وهو داء يأخذ البطن) هذا اختيار (خ)، وقيل هو النسيء؛ أي: تأخير المحرم إلى صفر، وقيل هو حية في البطن أعدى من الجرب، وقيل: هو الشؤم الذي كانوا يتشاءمون بدخول شهر صفر ومر تحقيقه.
          قوله: (من أعدى الأول) أي: البعير الذي جرب أولاً من أجربه؛ أي: الله هو الذي أوجد ذلك فيه من غير ملاصقة لبعير آخر، فكذا الثاني والثالث وما بعدهما إنما جرب بفعل الله لا بعدوى تعدى بطبعها ولو كان الجرب بالعدوى بالطبع لم يجرب الأول لعدم المعدي فإذا جاز في الأول جاز في غيره لا سيما، والدليل قائم على أن لا مؤثر في الوجود إلا الله تعالى.
          قوله: (سنان بن أبي سنان) بكسر المهملة وخفة النون الأولى في اللفظين الدؤلي المدني.
          قوله: (محمد) أي: ابن سلام و(عتاب) بفتح المهملة وشدة الفوقانية وبالموحدة (ابن بشير) بفتح الموحدة ضد: النذير الحراني بالمهملة وتشديد الراء وبالنون مات سنة تسعين ومائة و(إسحاق) أي: ابن راشد و(علقت) من التعليق بمعنى: الإعلاق؛ أي: رفع الحنك بالأصبع و(بهذا الإعلاق) في بعضها بهذه الأعلاق جمع العلق نحو الرطب والأرطاب، وهي الدواهي والآفات.
          قوله: (عارم) بالمهملة والراء، محمد بن الفضل بسكون المعجمة و(أبو قلابة) بكسر القاف وتخفيف اللام وبالموحدة، عبد الله الجرمي بالجيم والراء.
          فإن قلت: كيف جاز الرواية بما في الكتاب؟ قلت: كان الكتاب مسموعاً لأيوب ومع هذا مرتبته دون مرتبة الرواية عن الحفظ، نعم لو لم يكن مسموعاً لجاز الرواية عن الكتاب الموثوق به عند المحققين ويسمى هذا بالوجادة وفي المسألة مباحث واختلافات.
          و(أبو طلحة) زوجها أم أنس، واسمه: زيد و(أنس بن النضر) بسكون المعجمة عم أنس بن مالك بن النضر و(عباد) بفتح المهملة وشدة الموحدة ابن منصور.
          و(الحمة) بضم المهملة وتخفيف الميم سم كل شيء يلدغ و(الأذن) بضم الذال وسكونها؛ أي: من وجع الأذن. قال ابن بطال: الآدُر جمع الأدَر. يعني: نحو الحمر والأحمر من الأدرة وهو نفخة الخصيتين وهو غريب شاذ.
          قوله: (كويت) بلفظ المجهول و(سعيد بن عفير) مصغر العفر بالمهملة والفاء والراء و(يعقوب القاري) بالقاف والراء وياء النسبة و(أبو حازم) بالإهمال وبالزاي سلمة و(البيضة) ما يتخذ من الحديد كالقلنسوة والرباعية بفتح الراء وخفة الموحدة والتحتانية، الأضراس وأولها في مقدم الفم الثنايا ثم الرباعيات ثم الأنياب ثم الضواحك ثم الأرحاء وكلها رباع اثنان من فوق واثنان من أسفل(1).
          و(يختلف) أي: يجيء ويذهب و(المجن) بكسر الميم الترس و(أحرقتها) أنث الضمير باعتبار القطعة منه و(رقأ) مهموزٌ، إذا سكن قال المهلب: قطع الدم بالرماد من المعمول به القديم، وأما غسل الجرح بالماء فلتجميد الدم ببرودته، وهذا إذا كان الجرح غير غائر، وأما إذا كان غائراً فلا تؤمن فيه آفة الماء وضرره.
          قوله: (فيح) بفتح الفاء وبالمهملة سطوع الحر وفورانه؛ أي: الحمى مأخوذة من حرارة جهنم حقيقة أرسلت إلى الدنيا أو هو تشبيه يعني: شبه اشتعال حرارة الطبيعة في كونها مذيبة للبدن معذبة لها بنار جهنم، وكما أن النار تطفي بالماء كذلك حرارة الحمى تزال بالماء، واعترض عليه بأن الإطفاء والإبراد يحقن الحرارة في الباطن فتزيد الحمى، وربما يهلك، والجواب: / أن أصحاب الصناعة الطبية يسلمون أن الحمى الصفراوية يدبر صاحبها بسقي الماء البارد ويغسلون أطرافه به، ونقل عن ابن الأنباري أنه كان يقول: معنى أبردوها بالماء تصدقوا بالماء عن المريض يشفه الله تعالى لما روي أن أفضل الصدقات سقي الماء.
          قوله: (عبد الله) أي: ابن عمر و(الرجز) العذاب، ولا شك أن الحمى نوع منه و(عبد الله بن مسلمة) بفتح الميم واللام و(فاطمة بنت المنذر) بكسر المعجمة الخفيفة و(الجيب) ما قطع من القميص فرجه و(أبردوها) من البرد والإبراد و(أبو الأحوص) بالمهملتين والواو و(سلام) بتشديد اللام الحنفي الكوفي و(سعيد بن مسروق) أبو سفيان الثوري و(عباية) بفتح المهملة وخفة الموحدة والتحتانية (ابن رفاعة) بكسر الراء وخفة الفاء وبالمهملة (ابن رافع) ضد: الخافض (ابن خديج) بفتح المعجمة وكسر المهملة وبالجيم الأنصاري.
          قال ابن بطال: روى فوح، وهو بمعنى الفيح انتشار الحر وسطوعه، قال: وقد تختلف أحوال المحمومين فمنهم من يصلح بصب الماء عليه، ومنهم بشرب الماء والمراد من الحمى التي يكون أصلها من الحر، فالحديث يراد به الخصوص.
          الزركشي:
          (فأمرنا أن نبردها) بفتح أوله وضم ثالثه.
          (فأبردوها بالماء) بوصل الهمزة وضم الراء، والماضي برد وهو متعد، يقال: برد الماء حرارة جوفي، كذا اقتصر عليه أبو البقاء في ((إعراب مشكل الحديث)).
          وحكى القاضي في ((المشارق)) فتح الهمزة وكسر الراء، والماضي أبرد، حكاهما الجوهري، وهي لغة رديئة.
          قال الخطابي: تبريد الحميات الصفراوية بسقي الماء الصادق البرد ووضع أطراف المحموم فيه من أنفع العلاج وأسرعه إلى إطفاء نارها.


[1] في هامش المخطوط: ((أقولها: وأربعة نواجذ وأربعة طواحن وأربعة)).