مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب الحبة السوداء

          ░7▒ باب الحبة السوداء
          فيه حديث عائشة أنها سمعت النبي صلعم قال: ((إن هذه الحبة)) الحديث.
          وحديث أبي هريرة مرفوعاً: ((الحبة السوداء شفاء من كل داء إلا السام)).
          حديث عائشة هو من رواية خالد بن سعد، عن ابن أبي عتيق، عنها، وقد أخرجه (ق) أيضاً، وليس لخالد عندهما غيره، وهو حديث غريب.
          وحديث أبي هريرة أخرجه (م) (ت) وقال: حسن صحيح، وهذا الحديث دال بعمومه على الانتفاع بالحبة السوداء في كل داء غير الموت كما قال ◙، وأوله الموفق البغدادي بأكثر الأدواء.
          وكذا قال الخطابي: هو من العموم الذي أريد به الخصوص، وليس يجتمع في شيء من النبات جميع القوى التي تقابل الطبائع كلها في معالجة الأدوية، وإنما أراد شفاء كل داء يحدث من الرطوبة والبلغم، لأنه حار يابس.
          قلت: إلا أن أمر ابن أبي عتيق في حديث عائشة بقطر الحبة السوداء بالزيت في أنف المريض لا يدل أن هكذا سبيل التداوي بها في كل مرض، فقد يكون من الأمراض ما يصلح للمريض شربها أيضاً، ويكون منها ما يصلح خلطها ببعض الأدوية، فيعم الانتفاع بها مفردة ومركبةً مع غيرها.
          قوله: (اقطروها) هو ثلاثي يقال: قطر الماء وغيره يقطر قطراً، وقطرته أنا، يتعدى ولا يتعدى.
          قوله: (فاسحقوها) هو ثلاثي أيضاً؛ أي: أسهلوها.
          قال الخطابي: وليس ذلك في الحديث إنما هو من عنده، ولعل صاحبه الذي وصفه له هذا السعوط كان مزكوماً، والمزكوم ينتفع برائحة الشونيز.
          وابن أبي عتيق: هو عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر، وقيل: هو محمد بن عبد الرحمن، حكاهما ابن التين، وقد أدرك محمد رسول الله وروى عنه، ولأبيه وجده صحبة وكذا لأبي جده أربعة في نسق، ليس هذا إلا في هذا البيت، ومن جهة أخرى راجعة إليه: عبد الله بن الزبير ابن أسماء بنت أبي بكر ابن أبي قحافة.
          وذكر في حديث الباب عن الزهري أن الحبة السوادء: الشونيز، قال قتادة: يأخذ كل يوم إحدى وعشرين حبة من الشونيز فيجعلهن في خرقة، وينقعها ويتسعط بها في كل يوم مرة في منخره الأيمن قطرة وفي الأيسر قطرة، والثاني في الأيمن واحدة وفي الأيسر ثنتين والثالث في الأيمن قطرتين وفي الأيسر قطرة.
          قال أبو نعيم: وهو الشينيز فارسي الأصل.
          قال القرطبي: قيد بعض مشايخنا الشونيز بفتح الشين المعجمة، وقال ابن الأعرابي: إنما هو الشينيز، كذا تقوله العرب، وقال غيره: الشونيز بالضم، وهي الحبة السوداء، والعرب تسمي الأخضر أسود وعكسه، وهي شجرة البطم، وهو المسمى بالضرو، وقيل: إنها الخردل. / وما في الحديث أولى، ولأنه أكثر منافع من الخردل وحب الضرو.
          وقال الموفق البغدادي: هو الكمون الأسود ويسمى الكمون الهندي، ثم ذكر منافعه، من جملتها أنه يشفي من الزكام إذا قلي وشم وصر، ويقتل الدود إذا أكل على الريق وإذا وضع على البطن من خارج لطوخاً، ودهنه ينفع من داء الحية، ومن الثآليل والخيلان، وإذا شرب منه مثقال نفع من ضيق النفس ويحدر الطمث المحتبس، والضماد به ينفع من الصداع البارد، وإذا نقع سبع حبات بالعدد في لبن امرأة وسعط به صاحب اليرقان نفعه نفعاً بليغاً، ودخانه يطرد الهوام.
          وذكر ابن البيطار له منافع: منها أنه إذا ضمد به السن أخرج الدود الطواف وينفع من البهق والبرص طلاء، يأكل ويسقى بالماء الجار والعسل للحصاة في المثانة والكلى، وإن عجن بماء الشيح أخرج الحيات من البطن، وإذا ضمد به أوجاع المفاصل نفعها، وخرج الأجنة أحياء وموتى والمشيمة.