الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب ذكر العلم والفتيا في المسجد

           ░52▒ (باب: ذكر العِلم...) إلى آخره
          كتب الشَّيخ في «اللَّامع» ذكره دفعًا لما يُتوهَّم أنَّ رفع الصَّوت في المسجد لمَّا كان منهيًّا عنه، حتَّى إنَّ العلماء كرهوا الجهر بالذِّكر إذا كان فيه ضررٌ بالمصلِّين، فأولى ألَّا يجوز الفتيا فيه إذ لا يخلو عن رفع الصَّوت عادةً، فدفعه بأنَّ كراهة رفع الصَّوت [إنَّما هو إذا] جاوز الحدَّ المعتاد، وأنَّ رفع الصَّوت بالعِلم جائزٌ، حيث ذكر النَّبيُّ صلعم في المسجد مواقيت الإحرام، ولولا أنَّه رفع بها صوته لما سمعه ابن عمر، لا يقال إنَّه كان قريبًا منه، إذ لو كان كذلك لما أبهم عليه لفظ يلملم. انتهى.
          وفي «هامشه» قال الحافظ: أشار بهذه التَّرجمة إلى الرَّدِّ على مَنْ توقَّف فيه لِما يقع في المباحثة مِنْ رفع الأصوات، فنبَّه على الجواز. انتهى.
          وفي «تراجم شيخ الهند» أنَّ في الإفتاء والقضاء والتَّعليم في المساجد كان مظنَّة الكراهة، كما يشير إليها كلام بعض المشايخ، وعند المصنِّف توسُّع في ذلك كلِّه، فأشار إلى التَّوسُّع في كتاب(1) العِلم والقضاء. انتهى.
          ولا يذهب عليك أنَّ رسالة «تراجم شيخ الهند» قُدِّس سرُّه: انتهت إلى هذا الباب، والأسف على أنَّه ☼ لم يتمكَّن مِنْ تكميلها لأمراضٍ وأشغالٍ حدثت له في آخر عمره الشَّريف نوَّر الله مرقده وبرَّد مضجعه، كذا(2) في «هامش اللَّامع».
          ولم يكن «اللامع» عندي في المدينة المنورة عند بدء استماع هذه «التراجم»، فأمرت عزيزي الحاج المولوي عبد الحفيظ المكي بتعريب هذه «التراجم»، وأمليت في آخر تعريبه قد وقع الفراغ من تعريبه واستماعه لهذا العبد الضعيف المبتلى بالسيئات، المحتاج إلى رحمة ربه العليا، المدعو بزكريا بن يحيى بتعريب الأعز المحترم الحاج المولوي عبد الحفيظ المكي، أذاقه الله من شراب حبه، بعد العصر يوم الثلاثاء السادس عشر من الشهر المبارك أول الربيعين تحت أقدام النبي صلعم بالمسجد النبوي، في البلدة المباركة المدينة المنورة زادها الله شرفا وكرامة وبهجة، وصلى الله تبارك وتعالى على خير خلقه سيدنا ونبينا [ومولانا] محمد النبي الأمي نبي الرحمة وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم القيامة. /


[1] في (المطبوع): ((كتابَي)).
[2] في (المطبوع): ((هكذا)).