الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب من برك على ركبتيه عند الإمام أو المحدث

           ░29▒ (باب: مَنْ بَرَكَ عَلَى رُكْبَتَيْهِ...)
          قال العينيُّ: وجه المناسبة بين البابين مِنْ حيث إنَّ المذكور في الباب الأوَّل غضب العالم على السَّائل لعدم جريه على موجب الأدب، وهذا(1) يذكر أدب المتعلِّم عند العالم فتناسبا مِنْ هذه الحيثيَّة. انتهى.
          وكتب الشَّيخ في «اللَّامع»: الظَّاهر أنَّ المراد بالبروك هو انتصاب النِّصف الأعلى منه على ركبتيه كما يفعله المشرفُ إلى الشَّيء المشرئبُّ له حين هو جالسٌ، ولمَّا كان هيئته تخالف الأدب وتنافيه أورده لإثبات جوازه عند الفزع وغيره، لأجل الضَّرورة، كما فعله عمر ╩ حين وهمه ما وهم مِنْ غضب النَّبيِّ صلعم ومَوْجِدَته عليهم، وأمَّا إن كان المراد بالبروك هو الجلوس على التَّشهُّد فالأمر أظهر مِنْ أنَّ الجلوس ينبغي أن يكون كذلك عند الإمام، لكنَّه يرد عليه أنَّ عمر ☺ كيف لم يعمل بهذا الأدب منذ قعد؟ فإنَّ بروكه هذا لم يكن إلَّا عند مقالته تلك.
          إلَّا بأن يجاب بأنَّ لحالة الخطاب فضلَ اهتمامٍ على غيرها، فمِنَ الواجب في طريقة الأدب أن يكون جلوسه عند الخطاب على تلك الهيئة، كما جلس جبريل ◙ عند سؤاله عن الإيمان والإسلام، وأمَّا في غير حالة الخطاب فهو أدبٌ وندبٌ. انتهى.
          قلت ويحتمل عندي في غرض الترجمة أن الحديث المذكور في هذا الباب كان بمعنى الحديث المذكور في آخر الباب السابق، وكانت فيه فائدة، وهي أدب المتعلم / نبه عليه بهذه الترجمة كما ثبت في الأصول، ويكون هذا من قبيل الباب في الباب وهو الأصل السادس.


[1] في (المطبوع): ((وفي هذا الباب)).