الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب قول المحدث حدثنا أو أخبرنا

           ░4▒ (باب: قَوْلِ الْمُحَدِّث: أخبرنا...) إلى آخره
          تنبيهٌ على مسألةٍ أصوليَّةٍ خلافيَّةٍ معروفةٍ، والجمهور _منهم الأئمَّة الأربعة وأكثر الحجازيِّين والكوفيِّين_ على ألَّا فرقَ بينها، وإليه ميل المصنِّف إذ ذكر قول ابن عُيَينة لا غير، ومنهم مَنْ فرَّق بينها، كما هو مذهب الشَّافعيِّ وأكثر أهل المشرق مِنْ تخصيص التَّحديث بلفظ الشَّيخ، والإخبار بلفظ التِّلميذ، والإنباء بالإجازة، كما بسطه الحافظ في «الفتح».
          وفي «اللَّامع»: يعني بذلك أنَّ كلَّ هذه الألفاظ تبيَّن استعمالُها في القدماء، وأنَّهم لا يبالون أيَّ هذه الألفاظ تلفَّظوا، فكان إطلاق أحد الألفاظ جائزًا في محلِّ الآخر لثبوته [بالسُّنَّة].
          فأمَّا ما فيها مِنَ الفرق الاصطلاحيِّ فلعلَّ أحدًا لا ينكره فضلًا عن المؤلِّف، / فكان حاصل مقالته هاهنا جواز أن يستعمل أحدها في محلِّ الآخر شرعًا، وإن كان الأولى هو الفرق، كما هو المصطلح عليه... إلى آخر ما فيه(1).
          وبسط في «هامشه» كلام الشُّرَّاح في ذلك وأسماء مَنْ لم يفرِّقوا بين هذه الصِّيغ، ومنهم الأئمَّة الأربعة، حتَّى قال الطَّحاويُّ: لم نجد بين الحديث والخبر فرقًا في كتاب الله وسنَّة رسوله صلعم(2).
          وفيه أيضًا عن الكَرمانيِّ: فإن قلت: هل يُعْلَم مِنْ هذا الكتاب مختار البخاريِّ في ذلك؟ قلت: حيث نقل مذهب الاتِّحاد مِنْ غير ردٍّ عليه، وغير ذكر مذهب المخالف، أشعر بأنَّ ميله إلى عدم الفرق(3). انتهى.
          قوله: (قَالَ ابنُ مَسْعُودٍ:...) إلى آخره، مراده مِنْ هذه التَّعاليق أنَّ الصَّحابة قالوا: تارةً حدَّثنا، وتارةً أخبرنا، فالظَّاهر أنَّهم لم يفرِّقوا بينها، وفيما يرويه ◙ عن ربِّه أنَّ العنعنة حكمها الوصل عند ثبوت اللُّقى(4). انتهى ملخَّصًا مِنَ «الفتح»(5).


[1] في (المطبوع): ((في اللامع)).
[2] الكواكب الدراري: ج2/ص9 .
[3] فتح الباري1/144
[4] في (المطبوع): ((اللقاء)).
[5] أخرجه أبو داود في العلم، باب التوقي عن الفتيا، (رقم 3656).