الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب من قعد حيث ينتهي به المجلس

           ░8▒ (باب: مَنْ قَعَد حَيْث يَنْتَهي به المجلس)
          وكتب الشَّيخ قُدِّس سرُّه في «اللَّامع» وضعه ليدفع به ما في الرِّجال مِنَ النَّخوة المانعة عن القعود في أواخر القوم، بأنَّ مِنْ أدب العلم الجلوس حيث وجد مجلسًا، ولا يستحي مِنَ الجلوس هناك، ولا يُعْرِض عن مجالس الذِّكر لمثل ذلك. انتهى.
          وفي «هامشه» أيَّد كلام الشَّيخ بكلام الكرمانيِّ، ثُمَّ قال الشَّيخ: وأمَّا الاستحياء المذكور في الرِّواية فمعناه: الاستحياء عن أن يزدحم النَّاس ويرمقهم، واستحيا الله منه أي أجْزَل ثوابَه، وأوفَرَ حظَّه، وهذا أولى مِنْ أن يراد بالاستحياء الاستحياء عن الإعراض، لأنَّ حمل المطلق مِنَ الرِّوايات على مقيَّدها، وكذلك حمل بعضها على بعضٍ، وإن كان أمرًا أكثر(1) شيوعه فيما بين الفقهاء والمجتهدين إلَّا أنَّه نادرٌ بين فِرَق المحدثين لا سيَّما البخاريِّ، فإنَّ هؤلاء على جَعْل المطلق حُجَّةً على حدةٍ مِنَ المقيَّد، فلا يُحْمل بعضُها على بعضٍ ما دام التَّفصِّي عنه ممكنًا. انتهى.
          وبسط الشَّيخ قُدِّس سرُّه الكلام على هذين المعنيين للاستحياء في «الكوكب»(2) ولم يرجِّح أحدهما على الآخر كما رجَّحه هاهنا، وأيضًا بسط الكلام على هذا الحديث في الجزء السَّادس مِنَ «الأوجز» في(3) «هامش اللَّامع» عن الحافظ.


[1] في (المطبوع): ((كثر)).
[2] فتح الباري1/157
[3] في (المطبوع): ((وفي)).