الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب من أعاد الحديث ثلاثا ليفهم عنه

           ░30▒ (باب: مَنْ أَعَادَ الْحَدِيثَ ثَلاثًا لِيُفْهَمَ)
          قال الحافظ: بضمِّ الياء وفتح الهاء، وفي روايتنا أيضًا بكسر الهاء، لكن في رواية الأَصيليِّ [وكريمة]: <ليُفهَم عنه>، وهو بفتح الهاء لا غير. انتهى.
          وكتب الشَّيخ في «اللَّامع»: زيادة هذا التَّعليل مُشعرةٌ بأنَّ التَّثليث حيثما ورد في الرِّواية فالمراد به تثليث ما قصد إفهامه لمزيد اعتناءٍ واهتمامٍ، أو لخوف عدمِ سماعه لمزيَّة ازدحامٍ، وعلى هذا فالمناسب في تأويل قوله: (سَلَّم ثلاثًا) أن يقال: هذا إذا لم يسمعه الْمُسَلَّم عليه، وكان الحكم في مثله المراجعة عن الباب كما ورد في حديث أبي ذرٍّ، وأمَّا تثليث التَّسليمات
          بحمل إحداهما(1): على الاستئذان.
          والثَّانية: على الدُّخول.
          والثَّالثة: على الرُّجوع، فلا يناسب التَّرجمة وإن كان صحيحًا في معنى الرِّواية في نفسها. انتهى.
          وفي «هامشه»: ما أفاده الشَّيخ مِنْ غرض التَّرجمة أوْجَه ممَّا قالته الشُّرَّاح.
          قال الحافظ: قال ابن المُنَيِّر: نبَّه البخاريُّ بهذه التَّرجمة على الرَّدِّ على مَنْ كره إعادة الحديث وأنكر على الطَّالب الاستعادة وعدَّه مِنَ البلادة... إلى آخر ما قاله.
          وأنت خبيرٌ بأنَّ هذا الغرض الَّذِي حكاه الحافظ عن ابن المُنَيِّر: يناسب التَّرجمة الآتية مِنْ (باب: مَنْ سمع شيئًا فلم يفهمه)، وحكى الحافظ عن ابن التِّين: أنَّ الثَّلاث غاية ما يقع به الاعتذار والبيان. انتهى.
          ولو كان هذا غرض المصنِّف كان حقُّ هذا الباب أن يذكره بعد الباب المذكور، أي: (باب: مَنْ سمع شيئًا)، وتبع شيخَ الهند في «تراجمه» القطب الكنكوهيُّ إذ قال: الغرض أنَّه صلعم كان يعيد الكلمة ثلاثًا عند الحاجة، وإلَّا فقد يكتفى في الجواب على الإشارة أيضًا كما تقدَّم قريبًا.
          ويؤيد الشيخين ما في «هامش اللامع» من كلام الخطابي، وقال السندي الظاهر أنه محمول على المواضع المحتاجة إلى الإعادة لا على العادة، وإلا لما كان لذكر عدد الثلاث في بعض المواضع كثير فائدة، مع أنهم يذكرون في الأمور المهمة أنه صلعم قالها ثلاثا. [انتهى]، قلت والاستدلال جيد، فإنه لو كان التثليث عادة مستمرة ما قالت الصحابة في الأحاديث الكثيرة قاله ثلاثا، كذا في «هامش اللامع».


[1] في (المطبوع): ((يحمل إحداها)).