الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب الغضب في الموعظة والتعليم إذا رأى ما يكره

           ░28▒ (باب: الْغَضَبِ فِي الْمَوْعِظَةِ...)
          الظَّاهر أنَّ المصنِّف نبَّه بذلك على جوازه، بل على استحسانه للواعظ والمعلِّم.
          قال الحافظ: قصر المصنِّف على الموعظة والتَّعليم دون الحكم، لأنَّ الحاكم مأمورٌ ألَّا يقضي وبه(1) [وهو] غضبان، والفرق أنَّ الواعظ مِنْ شأنه أن يكون في صورة الغضبان، لأنَّ مقامه يقتضي تكلُّف الانزعاج، لأنَّه في صورة المنذر، وكذا المعلِّم إذا أنكر على المتعلِّم سوء فهمٍ ونحوه، ولأنَّه(2) قد يكون أدعى للقبول منه، وليس ذلك لازمًا في حقِّ كلِّ أحدٍ، بل يختلف باختلاف أحوال المتعلِّمين، وأمَّا الحاكم فهو بخلاف ذلك كما يأتي في بابه(3)... إلى آخر ما في «هامش اللَّامع».
          وفيه: في(4) «تراجم شيخ الهند» أنَّ الرِّفق واليسر لمَّا كانا معروفين مِنْ دأبه صلعم حتَّى قال في أمر مَنْ بال في المسجد: (إنَّمَا بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ وَلَمْ تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ)(5)، نبَّه المصنِّف بهذه التَّرجمة أنَّه قد يستحسن خلاف ذلك أيضًا. انتهى.
          قلت: وكان مِنْ دأبه الشَّريفِ التَّيسيرُ كما أفاده شيخ الهند، وقد ورد في تشميت العاطس لأبي داود: ((والله ما كهرني ولا ضربني))(6)، ومع ذلك كلِّه قد ثبت غضبه صلعم بمواضع عند الحاجة، كما ذكر في «هامش اللَّامع».


[1] قوله: ((وبه)) ليس في (المطبوع).
[2] في (المطبوع): ((لأنه)).
[3] الحديث في البخاري في الوضوء باب صبِّ الماء على البول في المسجد، (رقم: 220).
[4] في (المطبوع): ((وفي)).
[5] أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب تحريم الكلام في الصلاة... ، (رقم 537) وأبو داود في باب تشميت العاطس في الصلاة، (رقم 930) وغيرهما.
[6] أخرجه الترمذي في الجهاد باب ما جاء في الإمام، (رقم 1705) وقال حديث حسن صحيح وأخرجه أبو داود في الخراج باب ما يلزم الإمام في حق الرعية، (رقم 2928)