الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب العلم والعظة بالليل

           ░40▒ (باب: العلم والعظة باللَّيل)
          كتب الشَّيخ في «اللَّامع»: يعني بذلك أنَّ السَّمَر المنهيَّ عنه إنَّما هو سَمَره في أمور الدُّنيا، لا مطلقًا، وأنَّ السَّمَر لا يتحقَّق إلَّا بعد العشاء قبل النَّوم، فأمَّا بعد النَّوم فلا يعدُّ سَمَرًا، ووضع لكلٍّ مِنَ المرامين بابًا. انتهى.
          وفي «هامشه»: هذا الباب والآتي بعد ذلك متقاربان في المعنى، وفرَّق بينهما الشَّيخ بحملهما على المرامين، وحاصل ما أفاده الشَّيخ أنَّ الغرض مِنَ التَّرجمة الأولى التَّنبيه على أنَّ الحديث بعد النَّوم لا يعدُّ سَمَرًا، ولذا لم يترجم المصنِّف هاهنا بلفظ السَّمَر، وحاصل التَّرجمة الآتية أنَّ السَّمَر في العلم ليس المنهيَّ(1) عنه، ولذا أورد المصنِّف في الباب الأوَّل الرِّواية الدَّالَّة على الحديث بعد النَّوم، بخلاف الباب الثَّاني.
          قال الحافظ: أراد المصنِّف التَّنبيه على أنَّ النَّهي مِنْ [عن] (2) الحديث بعد العشاء مخصوصٌ بما لا يكون في الخير(3). انتهى.
          قال العينيُّ: وفي بعض النُّسخ: <اليقظة باللَّيل> وهذا أنسب للتَّرجمة. انتهى. يعني: أوفق بالحديث.
          وفي «تراجم شيخ الهند» أنَّ المحصول مِنَ الرِّوايات الكثيرة كحديث ابن مسعودٍ: (كَانَ يَتَخَوَّلُنَا بِالْمَوْعِظَةِ...) إلى آخره، وحديث: (يَسِّرُوا وَلاَ تُعَسِّرُوا) وقول ابن عبَّاسٍ ☺ : (لا تملُّ النَّاسُ هذا القرآن) وغير ذلك مِنَ الرِّوايات والآثار أنَّه لا بدَّ في التَّذكير والتَّعليم مِنْ مراعاة نشاط السَّامعين، ومعلومٌ أنَّ اللَّيل وقت نومٍ وراحةٍ، فكان لمتوهِّمٍ أن يتوهَّم(4) بكراهة التَّعليم والتَّذكير في اللَّيل، فدفعه المصنِّف بهذه التَّرجمة، وأورد فيها روايةً تدلُّ على أنَّه يجوز إيقاظ النَّائمين أيضًا لضرورة التَّذكير فضلًا عمَّا قبل النَّوم. انتهى.
          وذكر العِلم ليعمَّ التَّعلُّم والتَّعلِيم، وهما غير العظة فإنَّه التَّذكير للغير. انتهى ما في «هامش اللَّامع».


[1] في (المطبوع): ((بمنهيٍّ)).
[2] قوله: ((عن)) ليس في (المطبوع).
[3] هكذا وردت في الأصل ولا بد من التنبيه، فربما وقع سهو في ذلك فإن التضرع لله وحده سبحانه وتعالى، والله أعلم
[4] في (المطبوع): ((يقول)).