الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب تحريض النبي وفد عبد القيس على أن يحفظوا الإيمان

           ░25▒ (باب: تَحْرِيضِ النَّبيِّ صلعم...)
          وفي «تراجم شيخ الهند» ما معرَّبه: ولا يخفى أنَّ المقصود مِنْ هذه التَّرجمة أيضًا هو بيان تأكيد التَّبليغ والتَّعليم وهما موقوفان على الحفظ، ولذا بيَّن تأكيد الحفظ أيضًا، وعُلم أنَّ أهل العِلم عليهم ألَّا يقصروا في التَّأكيد للمتعلِّم بالحفظ والتَّبليغ. انتهى.
          وما قيل: إنَّ غرض التَّرجمة تعميم العِلم وعدم تخصيص التَّبليغ بالآية فليس بوجيهٍ، لأنَّه سيأتي قريبًا: (باب: ليُبَلِّغِ العلمَ الشَّاهدُ الغائبَ) وفيه تعميم العلم، والأوجه عند هذا العبد الضَّعيف أنَّ غرض الإمام البخاريِّ بهذه التَّرجمة أنَّ التَّبليغ لا يختصُّ بالعالِم، ولا يتوقَّف على كون المبَلَّغ عالمًا كاملًا، بل ينبغي التَّبليغ للمعلوم مطلقًا، ولو بأشياءَ معدودة، فإنَّ النَّبيَّ صلعم أمرهم بأربعٍ، ونهاهم عن أربعٍ، وقال: ((احفظوه وأخبروه مَنْ وراءكم))، فالنَّبيُّ صلعم أمرهم بتبليغ هذه الثَّمانية، وكانوا حديثي عهدٍ بالإسلام، وقدموا النَّبيَّ صلعم سنة ثمانٍ قبل الفتح، ولهم قَدْمَتان:
          أحدهما(1): هذه.
          والثَّانية: سنة تسعٍ.
          كما بسطته في «هامش اللَّامع»، ففيه ردٌّ لما أوردوا على مبلِّغي زماننا أنَّه لا يجوز لهم التَّبليغ لكونهم غير عالمين، فإنَّ سادات التَّبليغ لا يأمرونهم إلَّا بتبليغ ستَّة أصولٍ الَّتي يعلمونهم بها، فما الفرق بين هؤلاء المبلِّغين وبين وفد عبد القيس إذ أمرهم النَّبيُّ صلعم بتبليغ ثمانية أمورٍ؟
          قوله (وقال مالك بن الحويرث) الحديث سيأتي مفصلا في (باب الأذان للمسافر...) إلى آخره، وغير ذلك من الأبواب الآتية بألفاظ مختلفة، والغرض من ذلك أيضا ظاهر أن الحكم لا يختص بوفد عبد القيس، وأن التبليغ لا يختص بعالم، فإن النبي صلعم علم مالك بن الحويرث وأصحابه أشياء، وقال (ارجعوا إلى أهلكهم(2) وعلموهم).


[1] في (المطبوع): ((إحداهما)).
[2] في (المطبوع): ((أهليكم)).