الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب ما كان النبي يتخولهم بالموعظة والعلم

           ░11▒ (بَاب: ما كَانَ النَّبيُّ صلعم يَتَخَوَّلُهُمْ بِالمَوْعِظَةِ وَالعِلمِ...) إلى آخره
          وفي «تراجم شيخ المشايخ» التَّخَوُّل: التَّعَهُّد، يعني: يعظهم ولا يُدِيم موعِظَتَهم، وقوله: (كيلا ينفروا) متعلِّقٌ بالتَّخوُّل باعتبار جزء مفهومه الأخير. انتهى.
          وقال الحافظ في «الفتح» قوله: يتَخَوَّلهم _بالخاء المعجمة_ أي: يتعَهَّدهم، والموعظة: النُّصح والتَّذكير، وعطف العلم عليها مِنْ باب عطف العامِّ على الخاصِّ، لأنَّ العلم / يشمل الموعظة وغيرها، وإنَّما عطفه لأنَّها منصوصةٌ في الحديث، وذكر العلم استنباطًا.
          وقوله في التَّرجمة: (لئلَّا يَنْفِروا) استعمل في التَّرجمة معنى الحديثين اللَّذين ساقهما، وتضمَّن ذلك تفسير السَّآمة بالنُّفور، وهما متقاربان، ومناسبته لما قبله ظاهرةٌ مِنْ جهة ما حكاه أخيرًا مِنْ تفسير الرَّبَّانيِّ،كمناسبة الَّذِي قبله مِنْ تشديد أبي ذرٍّ في أمر التَّبليغ لما قبله مِنَ الأمر بالتَّبليغ.
          وغالب أبواب هذا الكتاب لِمَنْ أمعن النَّظر فيها والتَّأمُّل لا يخلو عن ذلك، وقد ذكر شيخ الهند في آخر الباب السَّابق ما تعريبه: قد ذكر المؤلِّف بعد هذا بابين، وترجم للأولى بقوله: (ما كَانَ النَّبيُّ صلعم يَتَخَوَّلُهُمْ بِالمَوْعِظَةِ...) إلى آخره، وترجم للثَّانية بقوله: (مَنْ جَعَلَ لأهْلِ الْعِلْمِ أَيَّامًا مَعْلُومَةً...) إلى آخره، والغرض منهما واحدٌ، ذكر في كليهما رواية ابن مسعودٍ: (وكان(1) النَّبيُّ صلعم يتخوَّلنا بالموعظة)، والظَّاهر بعد ملاحظتهما أنَّ رسول الله صلعم كان يذكِّر الصَّحابة ويعلِّمُهم مع مراعاة نشاطهم ومَلَلِهم وحوائِجِهم، وكذا كان عبد الله بن مسعودٍ أيضًا بعده صلعم يذكِّر أصحابه كلَّ يوم خميسٍ، وكان يحترز عن الموعظة كلَّ يومٍ مع إصرارهم لكيلا يملَّ السَّامعون، فيتكاسلوا.
          وبالجملة يستنبط من كل هذا أهمية التعليم والتذكير وانتظامه والمداومة عليه، فإن أحب الدين ما داوم عليه صاحبه.


[1] في (المطبوع): ((كان)).