التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب حرق الحصير ليسد به الدم

          ░27▒ (بَابُ حَرْقِ الْحَصِيرِ لِيُسَدَّ بِهِ الدَّمُ).
          5722- ذكر فيه حديثَ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ: (لَمَّا كُسِرَتْ عَلَى رَأْسِ رَسُولِ اللهِ صلعم الْبَيْضَةُ وَأُدْمِيَ وَجْهُهُ...) الحديث، وقد سلف في الجهاد [خ¦2903].
          واعترضَ ابنُ التِّين على قوله: (حَرْقِ) وقال: صوابُه إحراق أو تحريق، فأمَّا الحرقُ فهو حَرْقُ الشيء يُؤذيه، والرَّبَاعِيَةُ في الحديث مثلُ الثَّمانية _مخفَّفة الياء_ السِّنُّ التي بين الثَّنِيَّة والنَّاب، و(المِجَنِّ) التُّرْس، و(عَمَدَتْ) بفتح الميم.
          وقوله: (فَرَقَأَ الدَّمُ) هو مهموزٌ، أي سَكَن وانقطع جَرْيُه، وقد سلف واضحًا في باب التُّرْسِ والمِجَنِّ مِن الجهاد [خ¦2903]. قال المُهَلَّبُ: فيه أنَّ قطعَ الدَّم بالرَّماد مِن المعلوم القديم المعمول به، لا سيَّما إذا كان الحَصِير مِن دِيسِ السُّعْدِيِّ فهي معلومةٌ بالقبضِ وطِيب الرائحة، والقبضُ يسدُّ أفواهَ الجراح، وطيبُ الرائحة يُذهِبُ بِزُهْم الدَّم إذا غُسل الدَّم بالماء كما فُعل أوَّلًا بجرح رَسُول اللهِ صلعم فليجمد الدَّم ببرْدِ الماء إذا كان الجرحُ سَهْلًا غير غائِرٍ، وأمَّا إذا كان غائرًا فلا يُؤمَن فيه آفة الماء وضَرَرهِ، وكان أبو الحَسَن بن القابِسِيُّ يقول: لوددنا أن نعلمَ ذلك الحَصِيرَ ما كان منه فنجعلَهُ دواءً لقطْعِ الدَّم.
          قال ابن بطَّالٍ: وأهل الطبِّ يزعُمُون أنَّ كلَّ حَصِيرٍ إذا أُحرقَ يقطعُ رمادُه الدَّمَ، بل الأرمدةُ كلُّها تفعل / ذلك لأنَّ الرَّمادَ مِن شأنه القبضُ، وقد ترجم التِّرْمِذِيُّ لحديث سهْلِ بن سَعْدٍ بهذا المعنى فقال: باب التداوي بالرَّماد، ولم يقل: التداوي برمادِ الحَصِير.