التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب الإثمد والكحل من الرمد

          ░18▒ (بَابُ الْإِثْمِدِ وَالْكُحْلِ مِنَ الرَّمَدِ.
          فِيهِ عَنْ أُمِّ عَطِيَّة).
          5706- ثُمَّ ساقَ مِن حديثِ أُمِّ سَلَمَةَ ♦: (أَنَّ امْرَأَةً تُوُفِّيَ زَوْجُهَا فَاشْتَكَتْ عَيْنَهَا، فَذَكَرُوهَا لرَسُولِ اللهِ صلعم وَذَكَرُوا لَهُ الْكُحْلَ، وَأَنَّهُ يُخَافُ عَلَى عَيْنِهَا، فَقَالَ: لَقَدْ كَانَتْ إِحْدَاكُنَّ تَمْكُثُ فِي بَيْتِهَا فِي شَرِّ أَحْلَاسِهَا _أَوْ فِي أَحْلَاسِهَا فِي شَرِّ بَيْتِهَا_ فَإِذَا مَرَّ كَلْبٌ رَمَتْ ببَعْرَةٍ، فَهَلَّا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا).
          الشَّرح: عنى البُخَارِيُّ بحديثِ أمِّ عَطِيَّةَ حديثَها السالفَ في الطلاق مُسندًا [خ¦5340]، وليس فيه ولا في حديث الباب ذِكْرُ الإِثْمدِ، وكأنَّ البُخَارِيَّ اعتمد على أنَّه يدخلُ في غالب الأكحال لا سِيَّما أكحال العرب، وأمَّا ذِكره والتنصيص عليه فكأنَّه لم يصحَّ على شرطِه، وقد أخرج ابنُ حبَّان في «صحيحه» مِن حديثِ ابن عبَّاسٍ أنَّه ◙ قال: ((إنَّ خيرَ أكحالِكم الإثمدُ؛ يجلو البصرَ، ويُنبت الشَّعَر))، وللتِّرْمِذيِّ محسَّنًا: ((اكتَحِلوا بالإثمدِ فإنَّهُ يَجْلُو البصرَ ويُنْبِتُ الشَّعرَ))، وكان له ◙ مُكْحُلَةٌ يَكْتَحِلُ منها كلَّ ليلةٍ، ثلاثةً في هذه وثلاثةً في هذه، وفي رواية: وثِنتَين في اليُسرى. وفي «عِلل التِّرْمِذِيِّ» المفردةِ: سألتُ مُحَمَّدًا عن هذا الحديث؟ فقال: هو حديثٌ محفوظٌ.
          وفي لفظٍ ذكرَه ابن بطَّالٍ: كان ◙ يكتحِلُ قبل أنْ ينامَ بالإثْمدِ في كلِّ عينٍ ثلاثًا. وخرَّج التِّرْمِذِيُّ في «شمائله» مِن حديثِ ابن إسحاقَ عن ابن المُنْكَدِرِ عن جابِرٍ نحوه، وقال في «عِلله»: سألت مُحَمَّدًا / عنه فلم يعرفه مِن حديثِ ابن إسحاقَ، وقد روى هذا الحديث إسماعيلُ بن مُسلمٍ عن ابن المُنْكَدِر عن جابِرٍ ☺، وسألتُهُ عن حديث ابن عُمرَ، قال: إنَّما روى هذا عن سالِمٍ عُثْمَانُ بن عبد الملك، ولم يَعْرفه مِن حديثِ غيره، وعن ابن عُمرَ كذلك.
          ولابن أبي عاصِمٍ مِن حديثِ عونِ بن مُحَمَّد بن عليِّ بن أبي طالبٍ، عن أبيه عن جدِّه مرفوعًا: ((عليكم بالإثمدِ فإنَّه مَنْبَتةٌ للشَّعَر، مَذْهَبَةٌ للقَذَى، مَصْفَاةٌ للبَصَرِ))، وفي «غرائب الدَّارَقُطْنِيِّ» مِن حديثِ الزُّهْرِيِّ عن أنسٍ ☺: كان ◙ يأمُرُ بالإثمد. ثُمَّ قالَ: تفرَّد به عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن مُسْلمٍ _وكان ضعيفًا_ عن سَعِيد بن بَزِيعٍ، عن ابن إسحاقَ عنه. ولابن أبي عاصِمٍ مِن حديثِ عُقْبَةَ: أنَّه صلعم كان إذا اكتحلَ اكتحلَ وِترًا. ومِن حديثِ صَفْوانَ بن سُلَيمٍ، عن أنسٍ: أنَّه ◙ كانت له مُكْحُلَةٌ يَكْتَحِلُ بها عند النوم ثلاثًا ثلاثًا. ولأبي نُعَيْمٍ: اثنتين في كلِّ عينٍ، ويقسِمُ بينهما واحدةً، وفي روايةٍ مِن طريق يحيى بن زَهْدَمٍ عن أبيه، عن أنسٍ يرفعُه: ((لا تَكْرَهُوا الرَّمَدَ فإنَّه يقطعُ عِرْق العمى)).
          فصْلٌ: (الِإثْمِد) حَجَرٌ يُكتحَلُ به، قال في «المُحكم»: الإِثْمِدُ حَجَرٌ يُتَّخَذُ مِنه الكُحل، وقيل: هو نفسُ الكُحل، وقيل: شبيهٌ به. وذكر الموفَّقُ البَغْدَادِيُّ وابنُ البيطار منافعَ الإثمدِ، منها: أنَّه يقطع الرُّعاف.
          فصْلٌ: قوله: (شَرِّ أَحْلَاسِهَا) قال الجَوْهَرِيُّ: أَحْلاسُ البيوت: ما يُبسَط تحت الثِّيابِ، وقال الدَّاوُدِيُّ: أَحْلَاسُها الثيابُ التي تُلبس.