التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب التلبينة للمريض

          ░8▒ (بَابُ التَّلْبِينَةِ لِلْمَرِيضِ).
          5689- ذكر فيه حديثَ عائِشَةَ ♦: (أَنَّهَا كَانَتْ تَأْمُرُ بِالتَّلْبِينِ لِلْمَرِيضِ وَالْمَحْزُونِ عَلَى الْهَالِكِ، وَكَانَتْ تَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُول اللهِ صلعم يَقُولُ: إِنَّ التَّلْبِينَ يُجِمُّ فُؤَادَ الْمَرِيضِ وَيَذْهَبُ بِبَعْضِ الْحُزْنِ).
          وعنها: (أَنَّهَا كَانَتْ تَأْمُرُ بِالتَّلْبِينَةِ وَتَقُولُ: هُوَ البَغِيضُ النَّافِعُ).
          هذا الحديث سلف في الأطعمة وترجم عليه: باب التَّلْبِينَة [خ¦5417]، وقد سلف بيانُها هناك، ومعنى (تُجِمُّ): تُريح، وقيل: تَجمَعُ وتُكْمِل صلاحَهُ ونشاطَهُ، قال ابنُ بطَّالٍ: ويروى: تُخِمُّ، ومعناه: تنقِّي، والْمِخَمَّةُ: المِكْنَسَة، ومنه قوله صلعم حين سُئل: أيُّ المؤمنِ أفضلُ؟ قال: ((الصَّادِقُ اللِّسانِ المَخْمُوم القَلْبِ)). قيل: قد عرفنا الصَّادق اللسان، فمَنِ المَخْمُوم القلب؟ قال: ((الذي لا غلَّ فيه ولا حسدَ))، ومَن روى: تُجِمُّ، بالجيم فمعناه قريبٌ مِن هذا، وهو مِن خِفَّة النفس ونشاطها، والجَمَام: الرَّاحة، بالفتح، تقول العرب: جَمَّ الْفَرَسُ يَجِمُّ وَيَجُمُّ جَمَامًا، وأُجِمَّ: إذا تُرِكَ ولم يُركب ولم يُتعب، وعبارة ابن التِّين: إذا تُرك أن يُركب على ما لم يُسمَّ فاعله، وَجُمَّ، ويٌقال: أَجْمِمْ نفسَك يومًا أو يومَين.
          وقال الدَّاوُدِيُّ في التَّلْبِينَةِ: أن يُؤخذ العجين غيرَ خَمِيرٍ، فيُخرج ماؤه ويجعل به حسوًا، وهي تفعل هذا لأنَّها لُبابٌ لا يخالطه شيءٌ، فهي كثيرة النَّفْع على قِلَّتها. قال: وتجمُّ: تُمسِكُ وتُذهب ألم الجوع، قال: وفي هذه أنَّ الجوعَ يزيد الحُزنَ وأنَّ ذهابَه يَذهبُ ببعضهِ.
          وقولُها: (هُوَ البَغِيضُ النَّافِعُ) كانوا يبغضون ذلك لأنَّ الدَّواء يبغضه المريض، يُقال: أبغضتُ الشيءَ فهو بغيضٌ، وفي رواية الشيخ أبي الحَسَن: <النَّغِيضُ> بالنُّون، ولا أعلم له وجهًا.