شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب قول الله تعالى: {ولقد يسرنا القرآن للذكر}

          ░54▒ بَاب قَوْلِ الله ╡(1): {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ}[القمر:32]
          وَقَالَ النَّبيُّ: (كُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ) مُهَيَّأٌ
          فيه: عِمْرَانُ: (قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، فِيْمَ(2) يَعْمَلُ الْعَامِلُونَ؟ قَالَ: كُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ). [خ¦7551]
          وروى علي معناه عن النَّبيِّ صلعم، وقد تقدَّم الكلام في معنى هذه الأحاديث في كتاب القدر فأغنى عن إعادتِه(3).
          وتيسير القرآن للذِّكر هو تسهيلُه على اللِّسان، ومسارعتُه إلى القراءة حتى أنَّه ربَّما سبق اللِّسان إليه في القراءة فيجاوز الحرف إلى ما بعدَه، ويحذف الكلمة حرصًا على ما بعدها.
          وقولُه: {فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ}[القمر:15]أي: متفكِّر ومتدبِّر لما يقرأ ومستيقظ لما يسمع، يأمرُهم أن يعتبروا، ويحذِّرهم أن ينزل بهم ما نزل بمَن هلك مِن الأمم قبلَهم، وأصلُه: مذتكر، مفتعل مِن الذِّكر، أدغمت الذَّال في التَّاء، ثم قلبت دالًا، وأدغمت الذال في الدَّال لأنَّها أشبَه بالدال مِن التَّاء.


[1] في (ص): ((باب قوله تعالى)).
[2] في المطبوع: ((فَفيمَ)).
[3] في (ص): ((وقد تقدم في كتاب القدر)).