شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب كلام الرب مع جبريل ونداء الله الملائكة

          ░33▒ بَابُ كَلامِ الرَّبِّ تَعَالَى مَعَ جِبْرِيلَ وَنِدَاءِ اللهِ الْمَلائِكَةَ وَقَالَ مَعْمَرٌ: {إِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ}[النمل:6]أَيْ يُلْقَى عَلَيْكَ، وَتَلَقَّاهُ أَنْتَ: أَيْ تَأْخُذُهُ عَنْهُمْ، وَمِثْلُهُ: {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ}[البقرة:37].
          فيه(1): أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ النَّبيُّ صلعم: (إِنَّ اللهَ تَعَالَى إِذَا أَحَبَّ عَبْدًا نَادَى جِبْرِيلَ: إِنَّ اللهَ قَدْ أَحَبَّ فُلانًا، فَأَحِبَّهُ فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ، ثُمَّ يُنَادِي جِبْرِيلُ في السَّمَاءِ، إِنَّ اللهَ قَدْ أَحَبَّ فُلانًا فَأَحِبُّوهُ، فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ، وَيُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ في أَهْلِ الأرْضِ). [خ¦7485]
          وفيه: أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ النَّبيُّ صلعم: (يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلائِكَةٌ بِاللَّيْلِ، وَمَلائِكَةٌ بِالنَّهَارِ، يَجْتَمِعُونَ فِي صَلاةِ الْعَصْرِ وَصَلاةِ الْفَجْرِ، ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذين بَاتُوا فِيكُمْ، فَيَسْأَلُهُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ، كَيْفَ تَرَكْتُمْ عبادي(2)) الحديث. [خ¦7486]
          وفيه: أَبُو ذَرٍّ، قَالَ النَّبيُّ صلعم: (أَتَانِي جِبْرِيلُ، فَبَشَّرَنِي أَنَّهُ مَنْ مَاتَ لَا يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ، قُلْتُ: وَإِنْ سَرَقَ وَزَنَى؟ قَالَ: وَإِنْ سَرَقَ وَزَنَى). [خ¦7487]
          هذا باب كالباب الَّذي قبلَه في إثبات كلام الله تعالى وإسماعِه إيَّاه جبريل والملائكة، فيسمعون عند ذلك الكلام القديم القائم بذاتِه الَّذي لا يشبه كلام المخلوقين، إذ ليس بحروف(3) ولا تقطيع نغم، وليس مِن شرطِه أن يكون بلسان وشفتين وآلات، وحقيقتُه أن يكون مسموعًا مفهومًا، ولا يليق بالباري تعالى أن يستعين في كلامِه بالجوارح والأدوات، فمَن قال: لم أشاهد كلامًا إلَّا بأدوات لزمَه التَّشبيه، إذ حكم على الله تعالى بحكم المخلوقين، وخالف قولَه ╡: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شيء}[الشورى:11].


[1] في المطبوع: ((وفيه)).
[2] قوله: ((عبادي)) ليس في المطبوع.
[3] في المطبوع: ((بحرف)).