شرح الجامع الصحيح لابن بطال

قول الله تعالى: {ملك الناس}

          ░6▒ بَابُ قَولِه تعالى: {مَلِكِ النَّاسِ}[الناس:2]
          فيه: ابنُ عُمَرَ، عَنِ النَّبيِّ صلعم.
          فيه: أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ النَّبيُّ صلعم: (يَقْبِضُ اللهُ الأَرْضَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَيَطْوِي السَّمَاءَ بِيَمِينِهِ، ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ، أَيْنَ مُلُوكُ الأرْضِ؟). [خ¦7382]
          قولُه تعالى: {مَلِكِ النَّاسِ} هو داخل في معنى ما أمرهم به النَّبيُّ صلعم مِن قولِهم: (التَّحيَّاتُ لِله) يريد: الملك لله، وكأنَّه صلعم إنَّما أمرَهم بذلك مِن حيث أمرَه الله تعالى بالاعتراف بذلك بقولِه ╡: {قُلْ} يا محمد: {أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ مَلكِ(1) النَّاسِ} ووصفُه تعالى لنفسِه بأنَّه(2) ملك الناس على وجهين: أحدُهما: أن يكون راجعًا إلى صفة ذاتِه وهو القدرة لأنَّ الملك بمعنى القدرة.
          والثاني: أن يكون راجعًا إلى صفة فعل وذلك بمعنى: القهر والصَّرف لهم عمَّا يريدونَه إلى ما أرادَه ╡، فتكون أفعال العباد ملكًا له تعالى لإقدارِه(3) لهم عليها. وفيه إثبات اليمين لله تعالى صفة مِن صفات ذاتِه ليست بجارحة خلافًا لما تعتقدُه الجسميَّة في ذلك لاستحالة جواز وصفِه بالجوارح والأبعاض، واستحالة كونِه جسمًا، وقد تقدَّم القول في حلِّ شُبَهِهم في ذلك.


[1] في (ز):((مالك)) وهو خلاف التلاوة.
[2] في المطبوع:((أنه)).
[3] في المطبوع:((لا قدرة)).