شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب قول الله تعالى: {قل هو القادر}

          ░10▒ بَابُ قَولِهِ تَعَالَى: {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ}[الأنعام:65]
          فيه: جَابِرٌ، قَالَ: (كَانَ النَّبيُّ صلعم يُعَلِّمُ أَصْحَابَهُ الاسْتِخَارَةَ في الأُمُورِ كُلِّهَا كَمَا يُعَلِّمُهُمُ السُّورَةَ مِنَ الْقُرْآنِ، يَقُولُ: إِذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالأَمْرِ، فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ، ثُمَّ لِيَقُلْ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ، وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ، فَإِنَّكَ تَقْدِرُ، وَلَا أَقْدِرُ وَتَعْلَمُ وَلَا أَعْلَمُ وَأَنْتَ عَلامُ الْغُيُوبِ). [خ¦7390]
          القادر والقدرة مِن صفات الذَّات، وقد تقدَّم في باب قولِه تعالى: {إِنَّ اللهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ}[الذاريات:58]، أنَّ القوَّة والقدرة بمعنى واحد، وكذلك القادر والقوي بمعنى واحد، وذكر الأشعري أنَّ القدرة والقوَّة والاستطاعة معناهما واحد، لكن لم يُشْتَقَّ لله تعالى مِن الاستطاعة اسم، ولا يجوز أن يوصف بأنَّه مستطيع لعدم التَّوقيف بذلك، وإن كان قد جاء القرآن بالاستطاعة فقال: {هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ}[المائدة:112]، فإنَّما هو خبر عنهم ولا يقتضي إثباتُه صفة له تعالى، فدلَّ على ذلك أمران: تأنيبُه لهم عقيب هذا، وقراءة مَن قرأ: (هَلْ تَسْتَطِيْعُ رَبَّكَ) بمعنى: هل تسطيع سؤال ربِّك، وقد أخطئوا في الأمرين جميعًا لاقتراحِهم على نبيِّهم وخالقِهم(1) ما لم يأذن لهم فيه ربُّهم ╡.


[1] في المطبوع تصحيفًا:((وخالفهم)).