عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

باب: كان النبي إذا لم يقاتل أول النهار أخر القتال
  
              

          ░112▒ (ص) بابٌ كَانَ النَّبِيُّ صلعم إِذَا لَمْ يُقَاتِلْ أَوَّل النَّهَارِ أَخَّرَ الْقِتَالَ حَتَّى تَزُولَ الشَّمْسُ.
          (ش) أَيْ: هذا بابٌ يذكر فيه: (كان النَّبِيُّ صلعم ...) إلى آخره، والحكمة فيه أنَّ الشمس إذا زالت تَهبُّ رياح النصر، ويتمكَّن مِنَ القتال بوقت الإِبراد وهبوب الرياح؛ لأنَّ الحرب كلَّما استَحَرَّت، وحمي المقاتلون بحركتهم فيها، وما حملوه مِن سلاحهم هبت أرواح العشيِّ فبرَّدت مِن حرِّهم ونَشَّطتهم، وخَفَّفَتْ أَجْسَامَهم بخلاف اشتداد الحرِّ، وقد روى التِّرْمِذيُّ مِن حديث النُّعْمَان بن مُقَرِّن قال: غزوت مع النَّبِيِّ صلعم فكان إذا طلع الفجر أمسك حَتَّى تطلع الشمس، فإذا طلعت قاتل، فإذا انتصف النهار أمسك حَتَّى تزول الشمس، فإذا زالت الشمس قاتل حَتَّى العصر، ثُمَّ يُمسك حَتَّى يصلِّي العصر، ثُمَّ يقاتل، وكان يقال: عِنْدَ ذلك تَهيج رياح النصر، ويدعو المؤمنون لجيوشهم في صلاتهم، وروى أَحْمَد في «مسنده» مِن حديث / عَبْد الله بن أبي أَوْفَى قال: كان النَّبِيُّ صلعم يحب أن ينهض إلى عدوِّه عِنْدَ زوال الشمس، وروى الطَّبَرَانِيُّ مِن حديث عُتْبة بن غَزوان السُّلميِّ قال: كنَّا نشهد مع رَسُول الله صلعم القتال، فإذا زالت الشمس قال لنا: «احْمِلوا» فحملنا، وروى أَيْضًا مِن حديث ابن عَبَّاسٍ: أنَّ رَسُول الله صلعم كان إذا لم يلقَ العدوَّ أَوَّل النهار؛ أخَّر حَتَّى تَهبُّ الرياح، ويكون عِنْدَ مواقيت الصلاة.