عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

باب التحريض على القتال
  
              

          ░33▒ (ص) بابُ التَّحْرِيضِ عَلَى الْقِتَالِ.
          (ش) أَيْ: هذا بابٌ في بيانِ التحريض؛ أَي: الحثِّ على القتال.
          (ص) وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ}[الأنفال:65].
          (ش) (وَقَوْلِهِ) بالجر عطف على قَوْلِهِ: (التَّحْرِيضِ)، وفي بعض النُّسَخ: (وقول الله تَعَالَى) وأوله قوله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِئَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ} قال ابن أبي حاتم: حَدَّثَنَا أَحْمَد بن عثمان بن حكيم: حَدَّثَنَا عُبَيْد الله بن مُوسَى: أخبرنا سُفْيَان عَنِ ابْنِ شَوْذَب عَنِ الشَّعْبِيِّ في قَوْلِهِ: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ} أَيْ: حُثَّهم عليه، ولهذا كان رَسُول اللهِ صلعم يحرِّض على القتال عِنْدَ صفِّهم ومواجهة العدوِّ، كما قال لأصحابه يوم بدرٍ حين أقبل الْمُشْرِكُونَ في عَدَدِهِم وعُدَدِهِم: «قوموا إلى جنَّة عرضها السموات والأرض...» الْحَدِيث، وقال مُحَمَّد بْن إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي ابن أبي نَجِيح عن عطاء عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قال: لمَّا نزلت هذه الآية؛ أعني: قوله: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ} الآية، ثقلت على الْمُسْلِمِينَ، وأعظموا أن يقاتل عشرون مئتين، ومئةٌ ألفًا، فخفَّف الله عنهم، فنسخها بالآية الأخرى فقال: {الْآنَ خَفَّفَ اللهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضُعْفًا} الآية[الأنفال:66] فكانوا إذا كانوا على الشطر مِن عدوهم لم ينبغي لهم أن يفرُّوا مِن عدوِّهم، وإذا كانوا دون ذلك لم يجب عليهم، وجائز لهم أن يتجوَّزوا، رُوِي عن / عليِّ بن أَبِي طَلْحَةَ والعَوفيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ نحو ذلك، وقال ابن أبي حاتم: ورُوِيَ عن مجاهدٍ وعطاء وعِكْرِمَة والحسن وزيد بن أسلم وعطاء الخراسانيِّ والضحَّاك نحو ذلك.