عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

باب من احتبس فرسا في سبيل الله
  
              

          ░45▒ (ص) بابُ مَنِ احْتَبَسَ فَرَسًا في سبيل الله.
          (ش) أَيْ: هذا بابٌ في بيان فضل مَن احتبسَ فرسًا، يقال: حَبَسْتُه واحْتَبَسْتُه، واحْتَبَس أَيْضًا بنفسه، يتعدَّى ولا يتعدَّى، والمعنى: يَحْبسه على نفسه؛ لسدِّ ما عسى أن يحدثَ في ثغرٍ مِنَ الثغور مِن ثُلْمةٍ، وليس في بعض النُّسَخ قَوْلُهُ: (فِي سَبِيلِ اللهِ)، وفي بعض النُّسَخ أَيْضًا: <مَنِ احتبس فرسًا فِي سَبِيلٍ >.
          (ص) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ}[الأنفال:60].
          (ش) وأوَّله: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ} الآية، أمر الله تَعَالَى بإعداد آلات الحرب لمقاتلة الكفَّار حسب الطاقة والإمكان والاستطاعة، فقال: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ} أَيْ: مهما أمكنكم مِن قوَّة؛ أَيْ: رمي، وروى أَحْمَد في «مسنده» مِن حديث عُقْبَة بن عامرٍ يقول: سَمِعْتُ رَسُول اللهِ صلعم يقول وهو على المنبر: «{وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} ألا إنَّ القوَّة الرميُ، ألا إنَّ القوَّة الرميُ». ورَوَاهُ مُسْلِمٌ عن هارون بن معروف، وأَبُو دَاوُدَ عن سَعِيد بن منصور، وابنُ مَاجَة عن يُونُس بن عبد الأعلى، وقيل: القوَّة كلُّ ما يتقوَّى به على الحرب؛ كالسيف، والرمح، والقوس، وقيل: ذكور الخيل، وقيل: اتِّفاق الكلمة، وقيل: الثقة بالله، والرغبة إليه.
          قَوْلُهُ: ({وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ}) يعني: ربطُها واقتناؤها للغزو، وهو عامٌّ للذكور والإناث في قول الْجُمْهُور، وعن عِكْرِمَة: الإناث.
          قَوْلُهُ: ({تُرْهِبُونَ بِهِ}) أَيْ: تخوِّفون به، وقُرِئ مشدَّدًا ومخفَّفًا.