عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

باب درجات المجاهدين في سبيل الله
  
              

          ░4▒ (ص) بابُ دَرَجَاتِ الْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِ اللهِ.
          (ش) أَيْ: هذا بابٌ فِي بيان درجات المجاهدين فِي سبيل الله، والمجاهد فِي سبيل الله هو الَّذِي يجاهد لإعلاء كلمة الله، ونصرة الدين، مِن غير التفاتٍ إلى الدنيا.
          (ص) يُقَالُ: {هَذِهِ سَبِيلِي} وَهَذَا سَبِيلِي.
          (ش) غرضه مِن هذا أنَّ السبيل يذكَّر ويؤنَّث، وبذَلِكَ جزم الفرَّاء، فقال فِي قوله تعالى: {لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ [بِغَيْرِ عِلْمٍ] وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا}[لقمان:6]: الضمير يعود على آيات القرآن، وإن شئتَ جعلته للسبيل؛ لأنَّها قد تؤنَّث، قال الله تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي}[يُوسُف:108]، وفي قراءة أُبَيِّ بن كَعْب ☺ : {وَإِنْ يَرُوا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهَا سَبِيلًا}[الأعراف:146]، وقَالَ ابن سِيدَه: «السَّبيل» الطريق، وما وضح منه، و«سبيل الله» طرق الهدى الَّذِي دعا إليه، ويُجمَع على «سُبُل».
          (ص) قالَ أَبُو عَبْد اللهِ: {غُزًّى}[آل عِمْرَان:156] واحِدُها غازٍ، {هُمْ دَرَجَاتٌ}[آل عِمْرَان:163] لَهُمْ درَجَاتٌ
          (ش) هذا وقع فِي رِوَايَة المُسْتَمْلِي.
          و(أَبُو عَبْد اللهِ) هو البُخَاريُّ.
          قوله: ({غُزًّى}) بِضَمِّ الغين وتشديد الزاي، جمع (غازٍ) أصله غُزَّيٌ، كـ(سُبَّق) جمع (سَابِق)، وجاء مثل: حاجٍّ وحَجيج، وقاطن وقَطِين، و(غُزَّاء) مثل: فاسق وفسَّاق.
          قوله: ({هُمْ دَرَجَاتٌ} لَهُم دَرَجَاتٌ) فسَّر قوله: {هُمْ دَرَجَاتٌ} بِقَوْلِهِ: (لَهُم دَرَجَات) أَيْ: لهم منازل، وقيل: تقديره: ذَوو درجات.