عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

باب فضل من يصرع في سبيل الله فمات فهو منهم
  
              

          ░8▒ (ص) بابُ فَضْلِ مَنْ يُصْرَعُ فِي سَبِيلِ اللهِ فَمَاتَ؛ فَهُوَ مِنْهُمْ.
          (ش) أَيْ: هذا بابٌ فِي بيان فضلِ مَن يُصرَعُ، وكلمة (مَن) موصولة تضمَّنت معنى الشرط؛ فلذَلِكَ دخلت الفاء فِي جوابها؛ وهو قوله: (فَهُوَ مِنْهُمْ) أَيْ: مِنَ المجاهدين.
          قوله: (فَمَاتَ) عطفٌ عَلَى قَوْلِهِ: (يُصْرَعُ) وعطفُ الماضي على المضارع قليلٌ، وقوله: (فَمَاتَ) سقط مِن رِوَايَة النَّسَفِيِّ.
          (ص) وَقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {وَمَنْ يَخْرُجْ / مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللهِ}[النِّسَاء:100]، وَقَعَ: وَجَبَ
          (ش) (وَقَوْلِ اللهِ) مجرورٌ عطفًا عَلَى قَوْلِهِ: (فَضْلِ مَنْ يُصْرَعُ)، وقال أَبُو عُمَر: روى هُشيم عَن أَبِي بِشرٍ عن سَعِيد بن جُبَيْر فِي قوله: {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ} قال: كان رجلٌ مِن خزاعة _يقال له: ضَمْرة بن العِيْص بن ضَمْرة بن زِنْباع الخُزَاعِيُّ_لمَّا أُمِروا بالهجرة، وكان مريضًا، فأمر أهله أن يفرشوا له على سريرٍ، ويحملوه إلى رَسُول اللهِ صلعم ، قال: ففعلوا، فأتاه الموت وهو بالتنعيم، فنزلت هذه الآية، وقد قيل فِي ضَمرة هذا: أَبُو ضَمرة بن العِيص، قال أَبُو عُمَر: والصَّحِيح أنَّهُ ضَمرة، لا أَبُو ضَمرة، روينا عن زيد بن حكيم عن الحكَم بن أَبَان قال: سَمِعْتُ عِكْرِمَة يقول: اسم الَّذِي خرج مِن بيته مهاجرًا إلى الله ورسوله ضَمرةُ بن العِيص، قال عِكْرِمَة: طلبتُ اسمه أربع عشرة سنةً حَتَّى وقعتُ عليه.
          فَإِنْ قُلْتَ: ما المناسبةُ بين الترجمة والآية؟
          قُلْت: قوله: {يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ} أعمُّ مِن أن يكون بقتلٍ، أو وقوع مِن دابته، أو غير ذَلِكَ.
          قوله: ({وَقَعَ} وَجَبَ) لم يثبت هذا فِي رِوَايَة المُسْتَمْلِي، وثبت لغيره، وقد فَسَّره أَبُو عُبَيْدَة هكذا فِي قولِهِ تعالى: {فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللهِ} أَيْ: وَجَبَ ثوابه.