عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

باب السير وحده
  
              

          ░135▒ (ص) بابُ السَيْرِ وَحْدَهُ.
          (ش) أَيْ: هذا بابٌ في بيانِ حكم سير الرجل بالليل وحده؛ أَيْ: حال كونه وحده مِن غير / رفيق معه، هل يكره ذلك أم لا؟ والجواب يُعلَم مِن حديثَي الباب؛ فالْحَدِيث الأَوَّل يدلُّ على عدم الكراهة، والثاني يدلُّ على الكراهة؛ فلذلك أبهم البُخَاريُّ الترجمة، وفي نفسِ الأمر يرجع ما فيهما إلى معنًى واحد؛ وهو ما قال المُهَلَّب: نهيُهُ صلعم عن الوَحدة في سير الليل إِنَّما هو إشفاقٌ على الواحد مِنَ الشياطين؛ لأنَّه وقتُ انتشارهم وأذاهم؛ بالتمثُّل لهم، وما يُفزِعهم ويُدْخِل في قلوبهم الوساوس؛ ولذلك أمر الناس أن يحبسوا صبيانهم عِنْدَ فَحْمَة الليل، ومع هذا إنَّ الوحدة ليست بمحرَّمة، وإِنَّما هي مكروهة، فمَن أخذ بالأفضل مِنَ الصحبة فهو أولى، ومَن أخذ بالوحدة فلم يأتِ حرامًا.