عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

باب الحلق والجلوس في المسجد
  
              

          ░84▒ (ص) بَابُ الْحِلَقِ وَالْجُلُوسِ فِي الْمَسْجِدِ.
          (ش) أي: هذا بابٌ في بيان حكمِ الحِلَقِ والجلوس في المسجدِ، يعني: يجوزُ ذلك؛ خصوصًا إذا كان لعلمٍ أو ذكرٍ أو قراءةِ قرآنٍ.
          قوله: (الْحِلَقِ) بكسر الحاء المُهْمَلة وفتح اللام، كذا قاله الخَطَّابيُّ في «إصلاح الغلطِ»، وقال ابن التين: «الحَلَق» بفتح الحاء واللام: جمع «حَلْقَةٍ»؛ مثل: «تَمْرَةٍ وتمرٍ»، وفي «المحكَم»: «الحَلْقَةُ»: كلُّ شيء استدارَ؛ كحَلْقَةِ الحديد والفضَّةِ والذهب، وكذلك هو في الناسِ، والجمع «حِلَاقٌ»، على الغالب، و«حِلَقٌ» على النادر؛ كـ«هَضْبَةٍ» و«هِضَبٍ»، و(الحَلَقُ) عند سيبويه: اسمٌ للجمع، وليس بجمعٍ؛ لأنَّ «فَعْلَةَ» ليست مِمَّا يُكسَّرُ على «فَعَلٍ»، ونظيرُ هذا ما حكاه مِن قولهم: فَلْكَةٌ وفَلَكٌ، وقد حكى سيبويه في (الحَلْقةِ) فتحَ اللَّام، وأنكرها ابنُ السِّكِّيت وغيرُه، وقال اللِّحيانيُّ: حَلْقَةُ البابِ وحَلَقَتُهُ بإسكان اللَّامِ وفتحها، وقال كُرَاعٌ: حَلْقَةُ القومِ وحَلَقَتُهُم، وحكى الأمويُّ: حِلْقَةُ القومِ وحِلَاقٌ، وحكى يونسُ عن أبي عَمْرِو بنِ العلاء: «حَلَقَة» في الواحدِ، بالتحريك، والجمع: حَلَقَاتٌ، وفي «المُوعَبِ»: الحَلَقُ مؤنَّثةٌ في القياس إِلَّا أنِّي رأيته في رجزِ دُكَيْنِ مُذكَّرًا، وبلغني أنَّ بعضَهم يقول: «الحَلَقَة» بالتحريك، وهي لغةٌ قليلةٌ، فجاء التذكير على هذا، وحكى مَكِّيٌّ عنِ الخليلِ «حَلَقَةٌ» بالتَّحريكِ، قال الفرزدقُ:
يا أيُّها الجالسُ وَسْطَ الحَلَقَةْ
أفي زِنًى جُلِدْتَ أم في سَرِقَةْ
          وفي «المجرَّدِ» لكُرَاعَ: حَلْقَةُ القومِ، وحِلْقَةٌ، وحَلَقَةٌ، والجمعُ: حَلَقٌ وحِلَقٌ وحِلَاقٌ.