عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

باب نوم الرجال في المسجد
  
              

          ░58▒ (ص) بَابُ نَوْمِ الرِّجَالِ فِي الْمَسْجِدِ.
          (ش) أي: هذا بابٌ في بيانِ (نَوْمِ الرِّجَالِ فِي الْمَسْجِدِ) أي: جواز ذلك.
          فَإِنْ قُلْتَ: لِمَ مَا قالَ: نوم الرَّجلِ؛ مثل ما قالَ في البابِ السَّابقِ: (نومِ المرأةِ) على الإفراد؟
          قُلْتُ: أَمَّا الإفرادُ هناك؛ فلأجلِ أنَّ الحديثَ الذي فيه في قصَّةِ امرأةٍ واحدةٍ، وأَمَّا الجمعُ ههنا؛ فلأنَّ الأثرَ الذي ذكره في أَوَّل هذا البابِ في الجماعةِ، على أنَّ في بعضِ النُّسَخِ: <بابُ نومِ الرجلِ>.
          والمناسبةُ بينَ البابَين ظاهرةٌ.
          (ص) وَقَالَ أَبُو قِلَابَةَ عَنْ أَنَسٍ: قَدِمَ رَهْطٌ مِنْ عُكْلٍ عَلَى النَّبِيِّ صلعم ، فَكَانُوا فِي الصُّفَّةِ.
          (ش) هذا التعليقُ قطعةٌ مِن قصَّة العُرَنيِّين، وقد تَقَدَّمَ حديثُهم في (الطهارة)، وهذا اللَّفظُ أوردَه موصولًا في (المحارِبينَ) مِن طريقِ وُهَيبٍ عن أيُّوبَ عن (أَبِي قِلَابَةَ) وهو بكسرِ القافِ، وخفَّةِ اللَّامِ، وبالباء المُوَحَّدةِ، واسمُه عبدُ اللهِ بنُ زيدٍ.
          و(الرَّهْطُ) ما دونَ العشرةِ مِنَ الرِّجالِ، لا يكونُ فيهم امرأةٌ.
          و(عُكْلٍ) بِضَمِّ العينِ المُهْمَلةِ، وسكونِ الكاف، وباللَّامِ: قبيلةٌ مِنَ العربِ.
          و(الصُّفَّةُ) بِضَمِّ الصَّادِ وتشديدِ الفاء: موضِعٌ مُظلِّلٌ مِنَ المسجدِ يأوي إليه المساكينُ.
          (ص) وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَن بْنُ أَبِي بَكْرٍ ☻: كَانَ أَصْحَابُ الصُّفَّةِ فُقَرَاءَ.
          (ش) هذا التعليقُ أَوَّلُ حديثٍ طويلٍ يأتي ذكرُهُ في (بابِ السَّمَرِ معَ الأهلِ والضَّيفِ)، وأوَّلُه: (حدَّثنا أبو النُّعمانِ قالَ: حدَّثنا مُعْتَمِرُ بنُ سليمانَ قَالَ: حدَّثنا أبي قَالَ: حدَّثنا أبو عثمانَ عن عبدِ الرَّحْمَنِ بنِ أبي بكرٍ: أنَّ أصحابَ الصُّفَّةِ كانوا ناسًا فقراءَ، وأنَّ النَّبِيَّ صلعم قَالَ: «مَن كانَ عندَهُ طعامُ اثنينِ؛ فليذهَبْ بثالثٍ...»؛ الحديث، و(عَبْدُ الرَّحْمَنِ) هو(ابْنُ أَبِي بَكْرٍ) الصِّدِّيقِ، ☻، و(الصُّفَّةُ) كانت موضِعًا مُظلِّلًا في مسجِدِ النَّبِيِّ صلعم ، كانَ الفقراءُ المهاجرون الذين ليسَ لهم منزِلٌ يسكنونها، وقيل: سُمُّوا بأصحابِ الصُّفَّةِ؛ لأنَّهم كانوا يصفُّونَ على بابِ المسجدِ؛ لأنَّهم غرباءُ لا مأوًى لهم.
          قوله: (فُقَرَاءَ) ويروى: <الفقراءَ> بالألفِ واللَّامِ.