عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

باب الخدم للمسجد
  
              

          ░74▒ (ص) بَابُ الْخَدَمِ فِي الْمَسْجِدِ.
          (ش) أي: هذا بابٌ في بيانِ أمرِ (الْخَدَمِ) بفتحِ الخاء والدال، جمع (خادِمٍ)، هذا بكلمة (فِي) رواية كريمةَ، وفي رواية الأكثرين: <الخدمِ للمسجد> باللَّامِ، وكان المناسبَ أن يكونَ هذا البابُ عقيبَ (باب كنس المسجدِ) على ما لا يخفى.
          (ص) وَقَالَ ابْنُ عَبَّاس: {نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا}[آل عِمْرَان:35] تَعْنِي: مُحَرَّرًا لِلْمَسْجِدِ يَخْدُمُهَا.
          (ش) أشارَ البُخَاريُّ بهذا التَّعليقِ إلى أنَّ تعظيمَ المسجدِ بالخدمة كانَ مشروعًا أيضًا في الأُمَم الماضية، أَلَا ترى أنَّ اللهَ حكى عن حَنَّةَ أمِّ مريمَ أنَّها لمَّا حبلت؛ نذرَت لله تعالى أن يكونَ ما في بطنِها مُحرَّرًا؛ يعني: عتيقًا يخدُمُ المسجدَ الأقصى، ولا يكونُ لأحدٍ عليه سبيلٌ، ولولا أنَّ خدمةَ المساجدِ مِمَّا يُتقرَّبُ به إلى اللهِ؛ لَمَا نذَرَتْ به، وهذا أيضًا موضعُ الترجمةِ.
          وأَمَّا التعليق المذكور؛ فإنَّ الضَّحَّاكَ ذكره عنِ ابنِ عَبَّاس في «تفسيره».
          قوله: (تَعْنِي) بلفظِ المؤنَّثِ الغائبِ؛ لأنَّه يرجِعُ إلى حَنَّة أمِّ مريمَ، و(حَنَّة) بفتح الحاء المُهْمَلة وتشديد النون.
          قوله: (تَخْدُمُهَا) ويروى: <تخدُمُهُ> أي: يخدمُ المسجدَ، وعلى الأَوَّل: تخدمُ المساجدَ أوِ الأرضَ المقدَّسةَ ونحوَ ذلك.