-
خطبة الشارح
-
كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله
-
كتاب الإيمان
-
كتاب العلم
-
كتاب الوضوء
-
كتاب الغسل
-
كتاب الحيض
-
كتاب التيمم
-
كتاب الصلاة
-
باب كيف فرضت الصلاة في الإسراء
-
باب وجوب الصلاة في الثياب
-
باب عقد الإزار على القفا في الصلاة
-
باب الصلاة في الثوب الواحد ملتحفا به
-
باب إذا صلى في الثوب الواحد فليجعل على عاتقيه
-
باب إذا كان الثوب ضيقا
-
باب الصلاة في الجبة الشامية
-
باب كراهية التعري في الصلاة وغيرها
-
باب الصلاة في القميص والسراويل والتبان والقباء
-
باب ما يستر من العورة
-
باب الصلاة بغير رداء
-
باب ما يذكر في الفخذ
-
باب في كم تصلي المرأة في الثياب
-
باب إذا صلى في ثوب له أعلام ونظر إلى علمها
-
باب إن صلى في ثوب مصلب أو تصاوير هل تفسد صلاته؟
-
باب من صلى في فروج حرير ثم نزعه
-
باب الصلاة في الثوب الأحمر
-
باب الصلاة في السطوح والمنبر والخشب
-
باب إذا أصاب ثوب المصلى امرأته إذا سجد
-
باب الصلاة على الحصير
-
باب الصلاة على الخمرة
-
باب الصلاة على الفراش
-
باب السجود على الثوب في شدة الحر
-
باب الصلاة في النعال
-
باب الصلاة في الخفاف
-
باب إذا لم يتم السجود
-
باب: يبدي ضبعيه ويجافي في السجود
-
باب فضل استقبال القبلة
-
باب قبلة أهل المدينة وأهل الشام والمشرق
-
باب قول الله تعالى: {واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى}
-
باب التوجه نحو القبلة حيث كان
-
باب ما جاء في القبلة
-
باب حك البزاق باليد من المسجد
-
باب حك المخاط بالحصى من المسجد
-
باب: لا يبصق عن يمينه في الصلاة
-
باب ليبزق عن يساره أو تحت قدمه اليسرى
-
باب كفارة البزاق في المسجد
-
باب دفن النخامة في المسجد
-
باب: إذا بدره البزاق فليأخذ بطرف ثوبه
-
باب عظة الإمام الناس في إتمام الصلاة وذكر القبلة
-
باب هل يقال: مسجد بنى فلان؟
-
باب القسمة وتعليق القنو في المسجد
-
باب من دعا لطعام في المسجد ومن أجاب فيه
-
باب القضاء واللعان في المسجد بين الرجال والنساء
-
باب إذا دخل بيتا يصلى حيث شاء أو حيث أمر ولا يتجسس
-
باب المساجد في البيوت
-
باب التيمن في دخول المسجد وغيره
-
باب هل تنبش قبور مشركي الجاهلية ويتخذ مكانها مساجد
-
باب الصلاة في مرابض الغنم
-
باب الصلاة في مواضع الإبل
-
باب من صلى وقدامه تنور أو نار أو شيء مما يعبد فأراد به الله
-
باب كراهية الصلاة في المقابر
-
باب الصلاة في مواضع الخسف والعذاب
-
باب الصلاة في البيعة
-
باب قول النبي: جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا
-
باب نوم المرأة في المسجد
-
باب نوم الرجال في المسجد
-
باب الصلاة إذا قدم من سفر
-
باب إذا دخل المسجد فليركع ركعتين
-
باب الحدث في المسجد
-
باب بنيان المسجد
-
باب التعاون في بناء المسجد
-
باب الاستعانة بالنجار والصناع في أعواد المنبر والمسجد
-
باب من بنى مسجدا
-
باب يأخذ بنصول النبل إذا مر في المسجد
-
باب المرور في المسجد
-
باب الشعر في المسجد
-
باب أصحاب الحراب في المسجد
-
باب ذكر البيع والشراء على المنبر في المسجد
-
باب التقاضي والملازمة في المسجد
-
باب كنس المسجد والتقاط الخرق والقذى والعيدان
-
باب تحريم تجارة الخمر في المسجد
-
باب الخدم للمسجد
-
باب الأسير أو الغريم يربط في المسجد
-
باب الاغتسال إذا أسلم وربط الأسير أيضا في المسجد
-
باب الخيمة في المسجد للمرضى وغيرهم
-
باب إدخال البعير في المسجد للعلة
-
باب
-
باب الخوخة والممر في المسجد
-
باب الأبواب والغلق للكعبة والمساجد
-
باب دخول المشرك المسجد
-
باب رفع الصوت في المساجد
-
باب الحلق والجلوس في المسجد
-
باب الاستلقاء في المسجد ومد الرجل
-
باب المسجد يكون في الطريق من غير ضرر بالناس
-
باب الصلاة في مسجد السوق
-
باب تشبيك الأصابع في المسجد وغيره
-
باب المساجد التي على طرق المدينة
-
باب سترة الإمام سترة من خلفه
-
باب قدر كم ينبغي أن يكون بين المصلى والسترة
-
باب الصلاة إلى الحربة
-
باب الصلاة إلى العنزة
-
باب السترة بمكة وغيرها
-
باب الصلاة إلى الأسطوانة
-
باب الصلاة بين السواري في غير جماعة
-
باب
-
باب الصلاة إلى الراحلة والبعير والشجر والرحل
-
باب الصلاة إلى السرير
-
باب يرد المصلي من مر بين يديه
-
باب إثم المار بين يدي المصلي
-
باب استقبال الرجل صاحبه أو غيره في صلاته وهو يصلي
-
باب الصلاة خلف النائم
-
باب التطوع خلف المرأة
-
باب من قال: لا يقطع الصلاة شيء
-
باب إذا حمل جارية صغيرة على عنقه في الصلاة
-
باب إذا صلى إلى فراش فيه حائض
-
باب هل يغمز الرجل امرأته عند السجود لكي يسجد؟
-
باب المرأة تطرح عن المصلى شيئا من الأذى
-
باب كيف فرضت الصلاة في الإسراء
-
كتاب مواقيت الصلاة
-
كتاب الأذان
-
أبواب صفة الصلاة
-
كتاب الجمعة
-
أبواب صلاة الخوف
-
كتاب العيدين
-
كتاب الوتر
-
كتاب الاستسقاء
-
كتاب الكسوف
-
أبواب سجود القرآن
-
أبواب تقصير الصلاة
-
أبواب التهجد
-
أبواب التطوع
-
كتاب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة
-
أبواب العمل في الصلاة
-
أبواب السهو
-
كتاب الجنائز
-
كتاب الزكاة
-
أبواب صدقة الفطر
-
كتاب الحج
-
أبواب العمرة
-
أبواب المحصر
-
باب جزاء الصيد
-
باب فضائل المدينة
-
كتاب الصوم
-
كتاب صلاة التراويح
-
كتاب الاعتكاف
-
كتاب البيوع
-
كتاب السلم
-
كتاب الشفعة
-
كتاب الإجارة
-
كتاب الحوالة
-
كتاب الكفالة
-
كتاب الوكالة
-
كتاب المزارعة
-
كتاب المساقاة
-
كتاب الاستقراض
-
كتاب الخصومات
-
كتاب في اللقطة
-
كتاب المظالم
-
كتاب الشركة
-
كتاب الرهن
-
كتاب العتق
-
كتاب المكاتب
-
كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها
-
كتاب الشهادات
-
كتاب الصلح
-
كتاب الشروط
-
كتاب الوصايا
-
كتاب الجهاد والسير
-
كتاب الخمس
-
كتاب الجزية والموادعة
-
كتاب بدء الخلق
-
كتاب أحاديث الأنبياء
-
كتاب المناقب
-
كتاب فضائل الصحابة
-
كتاب مناقب الأنصار
-
كتاب المغازي
-
كتاب التفسير
-
كتاب فضائل القرآن
-
كتاب النكاح
-
كتاب الطلاق
-
كتاب العدة
-
كتاب النفقات
-
كتاب الأطعمة
-
كتاب العقيقة
-
كتاب الذبائح والصيد
-
كتاب الأضاحي
-
كتاب الأشربة
-
كتاب المرضى
-
كتاب الطب
-
كتاب اللباس
-
كتاب الأدب
-
كتاب الاستئذان
-
كتاب الدعوات
-
كتاب الرقاق
-
كتاب القدر
-
كتاب الأيمان والنذور
-
كتاب كفارات الأيمان
-
كتاب الفرائض
-
كتاب الحدود
-
كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة
-
كتاب الديات
-
كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم
-
كتاب الإكراه
-
كتاب الحيل
-
كتاب التعبير
-
كتاب الفتن
-
كتاب الأحكام
-
كتاب التمني
-
كتاب أخبار الآحاد
-
كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة
-
كتاب التوحيد
░48▒ (ص) بَابُ: هَلْ تُنْبَشُ قُبُورُ مُشْرِكِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَيُتَّخَذُ مَكَانَهَا مَسَاجِدُ؟
(ش) أي: هذا بابُ يُذكَرُ فيه نبشُ قبورِ المشركين الذين هلَكُوا في الجاهليَّة؟ يعني: يجوز ذلك؛ لما صُرِّحَ به في حديثِ البابِ.
فَإِنْ قُلْتَ: كيف تُفسَّرُ كذلك وفيه كلمةُ (هل) للاستفهام؟!
قُلْت: (هل) ههنا للاستفهامِ التَّقريريِّ، وليس باستفهامٍ حقيقيٍّ، صرَّح بذلك جماعةٌ مِنَ المُفسِّرين في قولِهِ تعالى: {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ}[الإنسان:1] ويأتي (هل) أيضًا بمعنى (قَد)، كذا فَسَّرَ الآيةَ جماعةٌ؛ منهم ابنُ عَبَّاسٍ والكسائيُّ والفَرَّاءُ والمُبرِّدُ، وذكرَ في «المُقتَضَبِ»: «هل» للاستفهامِ؛ نحوُ: «هل جاءَ زيدٌ؟»، وتكونُ بمنزلة: «قد»؛ نحوَ قولِهِ تعالى: {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ}، وقد بالغَ الزَّمَخْشَريُّ، فزعم أنَّها أبدًا بمعنى «قد»، وإِنَّما الاستفهامُ مُستفادٌ مِن همزةٍ مُقدَّرَةٍ معها، ونقلَه في «المُفصَّلِ» عن سيبويه، وقالَ في «الكشَّاف»: {هَلْ أَتَى} أي: قد أتى، على معنى التقريرِ والتَّقريبِ فيه جميعًا، ومَن عكَّسَ الزَّمَخْشَريَّ ههنا؛ فقد عَكَسَ نفسَه:
إذا قالت حذامِ فصدِّقوها فإنَّ القولَ ما قالَتْ حَذَامِ
وهذا الذي ذكرنا أحسنُ مِنَ الذي يُقالَ: إنَّ ذكرَ كلمةِ «هل» ههنا ليسَ له مَحَلٌّ؛ لأنَّ عادتَه إِنَّما يذكُرَ (هل) إذا كان حكمُ البابِ فيه خلافٌ، وليسَ ههنا خلافٌ، ولم أَرَ شارحًا هنا شفَى العليلَ ولا أروى الغليلَ.
وقد فسَّر بعضُهم (بابٌ هل تُنبَشُ قبورُ مُشركِي الجاهليَّة؟) بقولِهِ: أي: دونَ غيرِها مِن قبورِ الأنبياءِ وأتباعِهِم.
قُلْت: هذا تفسيرٌ عجيبٌ مُستفادٌ مِن سوء التَّصوُّر؛ لأنَّ معناه ظاهرٌ؛ وهو جوازُ نبشِ قبورِ المشركين؛ لأنَّهم لا حرمةَ لهم، فيستفادُ منه عدمُ جوازِ نَبْشِ قبورِ غيرِهم، سواءٌ كانت قبورَ الأنبياءِ أو قبورَ غيرِهم مِنَ المسلمين؛ لما فيه مِنَ الإهانةِ لهم، فلا يجوزُ ذلك؛ لأنَّ حرمةَ المُسلمِ لا تزولُ، حيًّا وميتًا، فإن كانَ هذا القائلُ اعتمدَ في هذا التفسيرِ على حديثِ عائشةَ المذكورِ في البابِ؛ فليس فيه ذكرُ النَّبشِ، وهو ظاهرٌ، وإنَّما فيه: أنَّهم إذا ماتَ فيهم رجلٌ صالحٌ يبنُون على قبرِهِ مسجدًا ويصوِّرُون فيه تصاويرَ، ولا يلزمُ مِن ذلك النَّبشُ؛ لأنَّ بناءَ المسجدِ على القبرِ مِن غير نَبْشٍ مُتصوَّرٌ.
قوله: (وَيُتَّخَذُ مَكَانَهَا مَسَاجِدُ) عطفٌ على قوله: (تُنْبَشُ)، و(مَكَانَهَا) منصوبٌ على الظرفيَّةِ، و(مَسَاجِدُ) مرفوعٌ؛ لأنَّه مفعولٌ نابَ عنِ الفاعلِ، هذا الوجهُ إذا جُعِلَ (الاتِّخاذُ) مُتعدِّيًا إلى مفعولٍ واحدٍ، وأَمَّا إذا جُعِلَ مُتعدِّيًا إلى مفعولَين على ما هو الأصلُ؛ لأنَّه مِن أفعال التَّصييرِ؛ كما في قوله تعالى: {وَاتَّخَذَ اللّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا}[النساء:125]؛ فيكونُ أحدُ المفعولين (مكانَها)، فحينئذٍ يُرفَعُ على أنَّهُ مفعولٌ به قامَ مقامَ الفاعلِ؛ بخلاف الوجهِ الأَوَّلِ، فَإِنَّهُ فيه منصوبٌ على الظَّرفيَّةِ، كما ذكرنا، والمفعولُ الثاني هو (مساجدَ) بالنَّصبِ؛ فافهم، فإنَّ الكَرْمَانِيَّ ذكرَ فيه ما لا يخفى عن نظرٍ وتأمُّلٍ.
(ص) لِقَوْلِ النَّبِيِّ صلعم : «لَعَنَ اللهُ الْيَهُودَ، اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ».
(ش) هذا تعليلٌ لقولِهِ: (وَيُتَّخَذُ مَكَانَهَا مَسَاجِدُ) خاصَّةً؛ لأنَّ الترجمةَ شيئان، والتَّعليلُ للشَّقِّ الثاني.
وجهُ الاستدلالِ به أنَّ اليهودَ لمَّا خُصُّوا باللَّعنة؛ باتِّخاذِهم قبورَ الأنبياءِ مساجدَ؛ عُلِمَ جوازُ اتِّخاذِ قبورِ غيرِهم ومَن هم في حكمِهم مِنَ المسلمين.
فَإِنْ قُلْتَ: أليسَ في اتِّخاذِ قُبورِ المشركينَ / مساجدَ تعظيمٌ لهم؟
قُلْتُ: لا يستلزمُ ذلك؛ لأنَّه إذا نُبِشَتْ قبورُهم، ورُمِيَتْ عظامُهم؛ تصيرُ الأرضُ طاهرةً منهم، والأرضُ كلُّها مسجدٌ؛ لقولِهِ صلعم : «جُعِلَت لي الأرضُ مسجدًا وطهورًا»، وهذا الحديثُ أخرجه البُخَاريُّ في آخرِ (كتاب الجنائز) في (باب ما جاءَ في قبر النَّبِيِّ صلعم ) : (حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ: حدَّثنا أبو عَوَانَة عن هلالٍ، عن عروةَ، عن عائشةَ ♦ قالت: قال رسولُ اللهِ صلعم في مرضه الذي لم يَقُم منه: «لعنَ اللهُ اليهودَ والنَّصارى؛ اتَّخذُوا قبورَ أنبيائِهم مساجدَ»؛ الحديث، وأخرجَهُ أيضًا في موضعٍ أخرَ في (الجنائز)، وفي (المغازي) أيضًا عَنِ الصَّلتِ بنِ مُحَمَّدٍ، وأخرجه مسلمٌ في (الصلاة) عن أبي بَكْر ابن أبي شَيْبَةَ وعمرٍو النَّاقدِ.
(ص) وَمَا يُكْرَهُ مِنَ الصَّلَاةِ فِي الْقُبُورِ.
(ش) هذا عطفٌ على قوله: (هل تُنبَشُ) لا يقال: إنَّ هذه جملةٌ خبريَّةٌ، وقوله: (هل تُنبَشُ) طلبيَّةٌ، فكيفَ يصحُّ عطفُها عليها؟! لأنَّا نقولُ: قد ذكرنا أنَّ (هل) استفهامٌ تقريريٌّ، وهو في حكمِ الجملةِ الخبريَّةِ الثبوتيَّةِ مثلها، وقولُه هذا يتناولٌ ما إذا صلَّى على القبر أو إليه أو بينَهما، وفيه حديث أبي مَرْثدٍ _واسمُهُ كِنَازُ بنُ الحُصَينِ_ أخرجَه مسلمٌ وأبو داودَ والتِّرْمِذيُّ والنَّسائيُّ بلفظ: «لا تجلسوا على القبورِ، ولا تصلُّوا إليها»، وروى التِّرْمِذيُّ عن أبي سعيدٍ الخُدْريِّ قال: (قالَ رسولُ الله صلعم : «الأرضُ كلُّها مسجدٌ إلَّا المقبرةَ والحمَّامَ»).
(ص) وَرَأَى عُمَرُ ☺ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يُصَلِّي عِنْدَ قَبْرٍ فَقَالَ: الْقَبْرَ الْقَبْرَ، وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِالإِعَادَةِ.
(ش) هذا التعليقُ رواهُ وكيعُ بنُ الجرَّاحِ في «مُصنَّفِهِ» فيما حكاه ابنُ حزمٍ عن سفيانَ بنِ سعيدٍ، عن حميدٍ، عن أنسٍ قال: (رآني عمرُ ☺ أُصلِّي إلى قبرٍ فنهاني، وقالَ: القبر أمامَك)، قال: (وعَن مَعْمَرٍ، عن ثابتٍ، عن أنسٍ قال: «رآني عمرُ أُصلِّي عند قبرٍ، فقال لي: القبرَ، لا تُصلِّ إليه»)، قالَ ثابتٌ: (فكانَ أنسٌ يأخذُ بيدي إذا أرادَ أن يُصلِّيَ، فيتنحَّى عنِ القبورِ)، ورواه أَبُو نُعَيْمٍ شيخُ البُخَاريِّ عن حُرَيثِ بنِ السَّائبِ قالَ: سمعتُ الحَسَنَ يقولُ: بينَا أنسٌ ☺ يُصلِّي إلى قبرٍ؛ فناداه عمرُ: القبرَ القبرَ، وظنَّ أنَّهُ يعني القمرَ، فلمَّا رأى أنَّهُ يعني القبرَ؛ تَقَدَّمَ وصلَّى وجازَ القبرَ.
قوله: (الْقَبْرَ) منصوبٌ على التحذير، يجبُ حذفُ عاملِهِ؛ وهو (اتَّقِ) أو (اجتَنِبْ)، وفي بعضِ الروايةِ بهمزةِ الاستفهامِ؛ أي: أتصلِّي عندَ القبرِ؟
قوله: (وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِالإِعَادَةِ) أي: لم يأمرْ عمرُ أنسًا بإعادةِ صلاتِه تلك، فدلَّ على أنَّهُ يجوزُ، ولكنَّه يُكرَهُ.
واعلم أنَّ العلماءَ اختلفُوا في جوازِ الصَّلاةِ على المَقْبَرَةِ؛ فذهبَ أحمدُ إلى تحريمِ الصَّلاةِ في المَقْبَرةِ، ولم يفْرُقْ بينَ المُنبوشةِ وغيرِها، ولا بينَ أن يُفرَشَ عليها شيءٌ يقيهِ مِنَ النَّجاسةِ أم لا، ولا بينَ أن تكونَ بينَ القبورِ أو في مكانٍ منفرِدٍ عنها؛ كالبيت والعُلوِّ، وقال أبو ثورٍ: لا يُصلَّى في حمَّامٍ ولا مَقْبَرَةٍ، على ظاهرِ الحديث؛ يعني قولَه صلعم : «الأرضُ كلُّها مسجدٌ إلَّا المقبرةَ والحمَّامَ»، وذهب الثَّوْريُّ وأبو حنيفةَ والأوزاعيُّ إلى كراهةِ الصَّلاةِ في المقبرةِ، وفرَّقَ الشَّافِعِيُّ بينَ المقبرةِ المنبوشةِ وغيرِها؛ فقالَ: إذا كانت مُختلِطةَ الترابِ بلحومِ الموتى وصديدِهم وما يخرجُ منهم؛ لم تَجُزِ الصَّلاةُ فيها؛ للنَّجاسةِ، فإن صلَّى رجلٌ في مكانٍ طاهرٍ منها؛ أجزأتْهُ صلاتٍه، وقالَ الرافعيُّ: أَمَّا المَقْبَرَةُ؛ فالصلاةُ مكروهةٌ فيها بكلِّ حال، ولم يرَ مالكٌ بالصلاة في المقبرةِ بأسًا، وحكى أبو مصعبٍ عن مالكٍ كراهةَ الصلاة في المقبرةِ؛ كقولِ الجمهورِ، وذهبَ أهلُ الظاهرِ إلى تحريمِ الصَّلاةِ في المقبرةِ، سواءٌ كانت مقابرَ المسلمين أو الكفَّارِ، وحكى ابنُ حزمٍ عن خمسةٍ مِنَ الصحابة النَّهيَ عن ذلك، وهم: عمرُ وعليٌّ وأبو هُرَيْرَةَ وأنسٌ وابنُ عَبَّاسٍ، ♥ ، وقالَ: ما نعلَمُ لهم مخالفًا مِنَ الصحابةِ، وحكاه عن جماعةٍ مِنَ التَّابِعينَ؛ إبراهيمَ النَّخَعِيِّ ونافعِ بنِ جبيرِ بنِ مطعمٍ وطاوُوسٍ وعمرِو بنِ دينارٍ وخَيْثَمةَ وغيرِهم.
قُلْتُ: قولُه: (لا نعلَمُ لهم مخالفًا مِنَ الصحابة) مُعارَضٌ بما حكاه الخَطَّابيُّ في / «معالم السُّنَنِ» عَن عبد اللَّه بن عُمَرَ: أنَّهُ رخَّصَ في الصلاةِ في المقبرة، وحكي أيضًا عن الحسنِ البِصْريِّ أنَّهُ صلَّى في المقبرةِ، وفي «شرح التِّرْمِذيِّ»: حكى أصحابُنا خلافًا في الحِكمةِ في النهيِ عَنِ الصلاةِ في المقبرة؛ فقيل: المعنى فيه: ما تحتَ مُصلَّاه مِنَ النَّجاسةِ، وقد قال الرافعيُّ: لو فَرَشَ في المَجْزَرَةِ والمَزْبَلةِ شيئًا وصلَّى عليه؛ صحَّتْ صلاتُهُ، وبقيتِ الكراهةُ؛ لكونِه مُصلِّيًا على نجاسةٍ وإن كان بينهما حائلٌ، وقال القاضي حسينٌ: إنَّهُ لا كراهةَ معَ الفرشِ على النجاسةِ مطلقًا، وحكى ابنُ الرِّفْعَةِ في «الكفاية»: أنَّ الذي دلَّ عليه كلامُ القاضي: أنَّ الكراهةَ لحُرمةِ الموتى، وعلى كلِّ تقديرٍ مِن هذين المعنيَين فينبغي أن تُقَيَّدَ الكراهةُ بما إذا حاذَى المَيِّتَ، أَمَّا إذا وقفَ بينَ القبورِ بحيثُ لا يكونُ تحتَه ميِّتٌ ولا نجاسة، فلا كراهةَ، إلَّا أنَّ ابنَ الرِّفعةِ بعدَ أن حكى المعنيَين السابقَين قالَ: لا فرقَ في الكراهةِ بين أن يُصلِّيَ على القبرِ أو بجانبه أو إليه، قال: ومنه يُؤخَذُ أنَّهُ تُكرَهُ الصَّلاةُ بجانبِ النَّجاسةِ وخلفِها.