عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

باب الصلاة في القميص والسراويل والتبان والقباء
  
              

          ░9▒ (ص) بَابُ الصَّلَاةِ فِي الْقَمِيصِ وَالسَّرَاوِيلِ وَالتُّبَّانِ وَالْقَبَا.
          (ش) أي: هذا بابٌ في بيانِ حكمِ الصلاة في القميص... إلى آخره.
          (الْقَمِيصُ) معروفٌ، وجمعه: (قُمْصان) و(أقْمصة)، وقمَّصه تقميصًا، وتقمَّصهُ؛ أي: لبِسه، و(السَّرَاوِيل) أعجميٌّ أُعرِبَ، نَقَلهُ سيبويه عن يونُس، وزعم ابنُ سِيدَه أنَّهُ فارسيٌّ معرَّبٌ، يُذكَّر ويؤنَّث، ولم يعرفِ الأصمعيُّ فيها إلَّا التأنيثَ، والجمعُ: سراويلات، وقال سيبويه: لا يُكسَّر؛ لأنَّه لو كُسِّر؛ لم يرجع إلَّا إلى لفظِ الواحد، فتُرِك، ويقال: هو جمعُ «سِروالة»، وقال أبو حاتم السِّجِسْتانيُّ: السَّراويل: مؤنَّث، لا يُذكِّرُها أحدٌ علِمْناه، وبعضُ العرب يظنُّ السَّراويل جماعةً، وسمعتُ مِنَ الأعراب مَن يقول: الشِّروال؛ بالشين المُعْجَمة.
          قُلْت: ولمَّا استعملتْه العربُ؛ بدَّلوا الشين سينًا، ثُمَّ جَمَعوه على (سراويل)، وقد يقال فيه: سراوين؛ بالنون موضعَ اللام، وفي «الجامع» للقزَّاز: سراويل، وسِروال، وسِرويل؛ ثلاث لغاتٍ.
          و(التُّبَّانِ) بِضَمِّ التاء المُثَنَّاة من فوقُ، وتشديد الباء المُوَحَّدة، قال في «المحكَم»: التُّبَّان: شبهُ السراويل، يُذكَّر، وفي «الصحاح»: التُّبَّان: سراويلُ صغيرٌ مِقدار شِبرٍ، يسترُ العورة المغلَّظة فقط، يكون للملَّاحين.
          قُلْت: وهو عند العَجَم من جِلدٍ بلا رِجْلينِ، يَلبَسُه المصارِعون.
          و(الْقَبَا) بفتح القاف والباء المُوَحَّدة المُخَفَّفَة، وقال الكَرْمَانِيُّ: القَباء: ممدودٌ، وتبِعه على ذلك بعضُهم.
          قُلْت: لم يذكُرْهُ غيرُه، بل الظاهرُ أنَّهُ مقصورٌ، وفي كتاب الجواليقيِّ: قال بعضُهم: هو فارسيٌّ مُعرَّب، وقيل: عربيٌّ، واشتقاقه مِنَ (القَبْو) ؛ وهو الضمُّ والجمع، وقال أبو عليٍّ: سُمِّي قَبًا لتقبُّضه، وقبوتُ الشيء: جمعتُه، وقال أبو عُبيد: هو اليَلمقُ، فارسيٌّ مُعرَّب، والقُرْدُمانيُّ، وقال السيرافيُّ: قبًا محشوٌّ، وقال في «الجامع»: سُمِّيَ قَبًا؛ لأنُّه يضمُّ لابِسَه، وفي «الصحاح»: تقبَّيتُ؛ إذا لبستَ قَبًا، وفي «المحكَم»: قبا الشيءَ قَبْوًا: جَمَعه بأصابعه، والقبوة: انضمامُ ما بين الشَّفتين، والقَبَا مِنَ الثياب مشتقٌّ / من ذاك؛ لانضمامِ أطرافه، والجمع: أقْبِيَة، وفي «مجمَع الغرائب» للفارسيِّ عن كعبٍ: أَوَّلُ مَن لبِس القَبا سليمانُ بنُ داود ♂ ، فكان إذا أدخلَ رأسَه في الثياب؛ لَنَصَت الشياطين؛ يعني: قَلَصت أنوفها، وزعم أبو موسى في «المُغيث» أنَّه بالسين: لَنَسَت.