عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

باب: يبدي ضبعيه ويجافي في السجود
  
              

          ░27▒ (ص) بَابٌ يُبْدِي ضَبْعَيْهِ وَيُجَافِي جَنْبَيْهِ فِي السُّجُودِ.
          (ش) أي: هذا بابٌ فيه بيانُ أنَّ السُّنَّة للمُصلِّي أن يُبديَ ضَبْعَيه.
          قوله: (يُبْدِي) بِضَمِّ الياء، مِنَ الإبداء؛ وهو الإظهار.
          قوله: (ضَبْعَيْهِ) تثنية (ضَبْع) بفتح الضاد وسكونِ الباء، وفي «الموعَب»: الضَّبع _مثال: «صَقْر»_: العضُد، مذكَّر، ويقال: الإبط، وقيل: ما بين الإبط إلى نصفِ العضُد مِن أعلاه، وفي «المخصَّص»: قيل: الضَّبْع: هو إذا أدخلتَ يَدَك تحت إبطيه مِن خَلفَه واحتملتَه، والعضُد، يُذكَّر ويؤنَّث، وفي «المحكَم»: الضَّبع يكونُ للإنسان وغيره، وفي «الجامع» للقزَّاز و«الجمهرة» لابن دُرَيد: الضَّبعان: رأسا المنكِبين، الواحد: ضَبْع؛ ساكن الباء، وفي «الجامع» و«الصحاح»: الجمع: أضباع، وقال السَّفاقسيُّ: «الضَّبع ما تحت الإبط، ومعنى «يُبدي ضَبْعيه»: لا يُلصِقُ عضُدَيه بجَنْبَيه.
          قوله: (وَيُجَافِي) أي: يُباعِدُ عضُديه عن جَنْبَيهِ ويرفعُهما عنهما، و(يجافي) مِنَ الجفاء؛ وهو البُعدُ عنِ الشيء، يقال: جفاه؛ إذا بعُد عنه، وأجفاه؛ إذا أبعده، و(يجافي) بمعنى: يُجفي؛ أي: يُبعِد جنبيه، وليست (المفاعَلة) ههنا على بابها؛ كما في قوله تعالى: {وَسَارِعُوا}[آل عِمْرَان:133] بمعنى: أسرِعوا.
          فَإِنْ قُلْتَ: ما المناسبةُ بين البابينِ على تقدير ثبوتِ هذا الباب ههنا؟
          قُلْت: مِن حيث إنَّ المذكور في البابِ السابق حكمُ الطُّمأنينة في السجود، وههنا إبداءُ الضَّبْعينِ ومُجافاة الجَنْبين في السجود، وكلُّها مِن أحكام السجود.